نون والقلم

درب المغسل!

ثمة مسارات مختلفة يمكن أن تدفع شخصا ما لأن يتحول إلى أداة ضد وطنه وفي الغالب تكون النتيجة واحدة حيث تتحول قصة حياة هذا الشخص إلى ورقة صغيرة بيد أجهزة الاستخبارات الدولية، لحظة لا تعلم كيف تجيء فتنزلق القدم في منحدر موحل فلا يتوقف عن السقوط إلا حين يصطدم الجسد المنهك بالصخرة التي تغلق ملفه إلى الأبد.

ووجود مواطنين متورطين بأعمال إرهابية لصالح إيران وحزب الله أمر لا معنى لإنكاره، وهم بالطبع لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يغيرون شيئا من إيماننا بوحدتنا الوطنية وتلاحمنا الاجتماعي، ولعل هؤلاء يتأملون في سيرة الإرهابي أحمد المغسل زعيم الخلية التي نفذت تفجير الخبر قبل 19 عاما الذي سلمته السلطات اللبنانية للأجهزة الأمنية السعودية، فيد العدالة طويلة مهما طال الزمن، ودروب الفرار قصيرة مهما تشعبت مسالكها، والحلفاء المزعومون هم أول من يبيعك حين يكون الثمن مناسبا !.

تقول جريدة النهار اللبنانية نقلا عن مصادر خاصة لم تسمها إن أحمد المغسل أحد أبرز المطلوبين في قضية تفجير الخبر وصل إلى مطار الشهيد رفيق الحريري في بيروت بجواز سفر إيراني مزور وقد حدث خلاف طفيف بين الأجهزة الأمنية حين قبض عليه ثم أودع في التوقيف لأسبوعين للتحقيق معه قبل تسليمه للسلطات السعودية وأن كل ذلك قد تم بالتنسيق مع السلطة القضائية وبمعرفة أهم المسؤولين في لبنان، وهاهو المغسل اليوم في قبضة العدالة يواجه مصيره الذي يستحقه في أرض الوطن الذي طعنه من الخلف لتضيع حياته لا لشيء إلا كي تصفي إيران بعض حساباتها مع الولايات المتحدة كي تتصالح معها فيما بعد !.

لم يكن المغسل إلا فاصلة صغيرة جدا في كتاب العلاقات الإيرانية الأمريكية، فاصلة بائسة غير مرئية بين مرحلة معاداة الشيطان الأكبر ومرحلة الاتفاق الأمريكي الإيراني، ويوما ما سيكون بقية رفاقه فواصل أصغر للفصل بين مرحلتين في العلاقات السعودية الإيرانية، فمن المرجح أن المغسل يملك كنزا من المعلومات حول الكثير من الإرهابيين الذين باعوا وطنهم خدمة للأهداف الإيرانية.

19 عاما مرت على انفجار ذلك الصهريج في الخبر.. 19 عاما قضاها المغسل مختبئا في صهاريج مظلمة بحثا عن اللحظة التي تتوقف فيها رحلة الهروب المنهكة.. 19 عاما مرت فيها الكثير من الأحداث الجسام والحروب والثورات والقلاقل من حولنا وبقي وطننا بفضل الله شامخا منيعا وأكبر من كل مخططات الأعداء.. تغيرت أشياء كثيرة في هذا العالم خلال هذه الفترة الساخنة ولكن بقيت القاعدة القديمة ثابتة كما هي فمن يبيع نفسه ووطنه في لحظة ما عادة ما يتم بيعه بسعر أقل بكثير مما كان يتوقعه !.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى