نون والقلم

أين الملوك والحكام من الخليفة عمر وحكومته ؟

حينما نتصفح أروقة خلافة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ينتابنا الألم و الحسرة على تلك السنوات التي عاشتها الأمة الإسلامية من السياسة المحكمة والحنكة العالية التي كانت عليها حكومة تلك الشخصية التي تستحق أن نفتخر و نقتدي بها لما قدمته من خدمات جليلة للإسلام و المسلمين ، فأقول ما أحوج شعوبنا العربية اليوم إلى ذلك الزمان الذهبي الذي انتشل الأمة من ويلات الطائفية و مؤامرات المتأسلمين الطامحين بالكرسي والتسلط على رقاب المسلمين وسرقة خيراتهم  بأي شكل من الإشكال ، فلولا حكمة عمر ( رضي الله عنه ) و عقليته الراجحة لكانت الجزيرة العربية في طي النسيان ولم تقم لها قائمة خاصة وأن رموز الفساد و دعاة النفاق كانوا يتحينون الفرص من اجل الانقضاض على الدولة الإسلامية و التمكن منها و السيطرة على مقاليد الحكم فيها لكن السياسة المحكمة والصلابة الشديدة التي كانت ابرز قيم ومبادئ و إستراتيجية  دولة الخليفة الثاني ( رضي الله عنه ) حالت دون تحقق مآرب الطامعين في السلطة وهذا ما يدعونا إلى القول أن كل ساسة المسلمين يدَّعون أنهم يتولونَ عمر وهم من أتباعه ، فأين هم -إن كانوا حقاً كذلك -من عمر بن الخطاب و حكومته ؟ هل يحاسبون الفاسدين و السارقين لقوت الفقراء واليتامى والأرامل والمساكين كما كان يفعل عمر مع ولاة و حكام دول المنطقة الواقعة ضمن حدود ملكه في ذلك الوقت أم أنهم يغضون الطرف عن فساد أتباعهم ؟ و الأدهى والأمر أنهم يقلدون هؤلاء الفاسدين المناصب العليا والدرجات المرموقة وكما يحدث في العراق فبدلاً من محاسبة الفاسد والاقتصاص منه بل أنه يُعطى منصباً أعلى من منصبه السابق فإنا لله وإنا إليه راجعون تلك والله مصيبتنا العظمى ! فهذا معاوية حاكم الشام في عهد عمر ينقل عنه ابن الأثير في الكامل 9ص345 كيف كان يخشى من الخليفة الثاني وكان أطوع له من خادمه يرفأ لما امتازت به سياسة عمر من شدة و صلابة و محاسبة لكل ملك أو حاكم له على بلاد المسلمين وهذا ما نراه واضحاً على تعامل معاوية مع الخليفة الثاني ( رضي الله عنه ) فحقاً أين ساسة و ملوك اليوم من عمر و دولته القائمة على العدل والإنصاف والمساواة بين الرعية من جهة ، و متابعة الولاة والسلاطين والملوك ومحاسبتهم من جهة أخرى فلماذا لا يتخذ سياسيي اليوم من عمر النموذج الأمثل والقدوة الحسنة التي يقتدون بها و يتخذونها مثلهم الأعلى ؟ وهذا ما دعا إليه رجل الدين الشيعي الصرخي الحسني خلال محاضرته (23) من بحثه الموسوم ( وقفات مع التوحيد التيمي الجسمي الأسطوري ) في 3 من آذار لسنة 2017 داعياً فيها جميع الحكام و السياسيين إلى الاقتداء بإستيراتيجية خليفة المسلمين عمرفقال الصرخي : (( ولهذا كان الخليفة الثاني عمر (رضي الله عنه ) شديداً جداً في متابعة و محاسبة الولاة ولا يتأخر في محاسبة ومعاقبة المقصر منهم إلى المستوى الذي خاف منه حتى معاوية فصار أطوع له من خادمه يرفأ فأين هؤلاء القادة و الملوك و السلاطين من الخليفة و حكومته )) .

أخبار ذات صلة

كاتب عراقي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى