نون والقلم

مفاتيح فلسطين وأقفالها!!

رغم أهمية البعد الرمزي للمفتاح سواء علّقه الفلسطيني في عنقه أو تركه في احد الأدراج كي يتراكم عليه الصدأ إلا أن للترميز حدودا ما إن يتخطاها حتى ينقطع عن الواقع، ويصبح خارج جاذبيته التاريخية ، و فلسطين كقضية كبرى لها مفتاح واحد وليس ملايين المفاتيح، ولها أيضا قفل واحد هو الاحتلال، فمن يملك هذا المفتاح ؟

هذا السؤال الذي يختصر الدراما كلها وجهه إلي ضابط اسمه يوسف في طولكرم عام 1967 وبعد شهر واحد من الحرب، لكنه لم ينتظر مني الإجابة إذ سارع إلى القول انه يملك المفتاح لهذا فهو قادر على طردي في أي وقت يشاء !

حكاية المفاتيح الرمزية تشبه إلى حد ما حكاية دواوين القرى والمدن وربما الحارات، وللبلدان عندما تتعرض للاحتلال ديوان واحد قد يكون في القدس أو الخليل أو الجليل لا فرق، وأخطر ما يمكن للخصخصة الوطنية أن تفرزه هو تحويل الهوية الأم إلى هويات فرعية وصغرى، وقد تكون هذه الهويات جهوية وليس بالضرورة أن تكون طائفية .

إن قضية حيّة ونازفة على مدار الساعة لا يمكن اختزالها إلى إيقونة سواء في عنق أو على جدار، خصوصا في ثقافتها الشعبية التي كان يتم من خلالها تعليق صور الموتى فقط !

ما خسرته فلسطين ليس أرضا وسيادة وجغرافيا مقدسة فقط بل هو ثقافة الالتئام الوطني، حيث لا يمكن للخندق الواحد أن يتحول إلى خنادق مُتقابلة، ولا للفصائل أن تصبح قبائل !

والقضية التي اتسعت ذات عروبة غابرة لمئات الملايين ضاقت بحيث لم تعد تتسع لأكثر من الأسرى الذين يعيشون فيها سواء أكانوا طلقاء يمشون في الشوارع ويزرعون ويحصدون أم في الزنازين، ذلك لأن مفهوم الأسر أوسع مما يتصور البعض ممن يظنون أنفسهم طُلقاء !

مفتاح فلسطين الذهبي الذي يفتح كل الإقفال ليس من حديد ولا يمكن ربطه بأي سلسال حتى لو كان مرصعا بالذهب والماس ، انه مفتاح فكري وقومي وسياسي تشترك امة برمتها في صياغته !

نعم إن للترميز والأيقنة حدودا فولكلورية والواقع بكل ما آل إليه له قوانين وفيزياء أخرى !!

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى