اخترنا لكنون والقلم

فى إفريقيا.. لا أحد يستحق

«[bctt tweet=”جائزة الحكم الإفريقى الرشيد.. لا أحد يستحق” via=”no”]». هذا العنوان الصادم كان هو نتيجة المسابقة السنوية لجائزة «مو إبراهيم» للحكم الرشيد فى إفريقيا، وقيمة هذه الجائزة 5 ملايين دولار وللأسف أنه منذ تأسيس هذه الجائزة التى انطلقت فى عام 2006 ومع دخول اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحه الفساد حيز التنفيذ لم تمنح إلا لأربعة قادة من القارة، وحجبت 7 مرات، أى أن القارة السمراء بعيدة عن معايير الحكم الرشيد رغم التقدم فى بعض البلدان.

وكان محمد إبراهيم رجل الأعمال البريطانى السودانى الأصل يريد من هذه الجائزة تشجيع ثقافة مكافحة الفساد فى القارة السمراء التى عانت طويلاً من حكومات أغرقتها فيه، وقد اختار الرجل مكتبة الإسكندرية لتكون مقراً للجائزة لما لها من رمزية ودلالة ثقافية كبرى.

ولأن الرجل كان يعلم أن تطبيق معايير وآليات الحكم الرشيد وإرساء مبادى الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان تتطلب أمرين مهمين، الأول مكافحة الفساد على جميع المستويات، والثانى إرساء قواعد النزاهة والشفافية فى الدولة، وهذان العنصران يتطلبان أولاً ثورة تشريعية وقبلهما ثورة ثقافية، وثالثهما ممارسة على الأرض من قادة الدولة لتعطى القدوة للأجيال القادمة لأن مكافحة الفساد تحتاج فى مجتمعات مثل المجتمعات الإفريقية إلى تغير الثقافة العامة لأى مجتمع وممارسة جادة حتى تعود الثقة بين أجهزه الدولة والمواطنين.

وعندما أراد الرجل أن يمنح الجائزة لقيادة الدولة، فهو يعلم أن مكافحة الفساد تحتاج إلى إرادة سياسية قوية واقتناع من القيادة السياسية بأهمية احترام قواعد الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الناس الأساسية، وعلى رأسها الحق فى معرفة الناس ما يدور حولها من خلال والشفافية والنزاهة فى كل القرارات والإجراءات التى تتخذها.

وإقرار الحكم الرشيد فى بلد يحتاج أن يكون الشركاء فى عملية التنمية أقوياء وهم أنفسهم الشركاء فى عملية مكافحة الفساد وأقصد – بجانب السلطات الثلاث – هنا بالمجتمع المدنى بالمفهوم الواسع له والقطاع الخاص والإعلام المؤمن بالديمقراطية والحرية ومؤمن بدوره الناقد لكل الأوضاع للوصول لما هو أفضل للناس وليس لمجرد النقد فقط.

فالحكم الرشيد ليس مجموعة من القوانين الممتازة وسلطات مستقلة وأجهزه رقابية قوية لكنه أيضاً ممارسة على الأرض ووجود قدوة سياسية تحترم كل هؤلاء وتقويهم وتحاورهم وتشاركهم فى الحرب ضد الفساد، وأن تكون صادقة فى مكافحته، وتحتاج أيضاً إلى برامج تعليمية وإعلامية تغرس فى المجتمع معانى الحكم الرشيد الديمقراطى ومعنى احترام جميع الآراء، وأن المعارضة السياسية جزء من منظومة هذا الحكم.

و[bctt tweet=”الحكم الرشيد والحد من الفساد لا يتحققان إلا بحدوث حالة من الرضى المجتمعى” via=”no”]، وأن الحوار بين القاعدة والقمة فى المجتمع سهل وسلس، وأن البرلمان يقوم بدوره فى الرقابة على الحكومة، وأن القضاء مستقل، وأن المجتمع المدنى يعمل بحرية واستقلال، وأن الإعلام قادر على كشف كل ما يعنيه المواطن دون رقابة مسبقة أو لاحقه أو حتى رقابة ذاتية، وهى الأخطر، هنا نستطيع أن نحكم على هذا المجتمع بأنه مجتمع رشيد ومحكوم بحكومة رشيدة.

أخبار ذات صلة

Back to top button