المعلومات القليلة المتداولة عن خطة الرئيس دونالد ترامب للتعجيل في معركة القضاء على «داعش» لا تثير تفاؤلاً. فبعد الوعود الكثيرة بخطة جديدة وتهديدات بفتح أبواب الجحيم على التنظيم الأصولي، تكاد الملامح الأولى للاقتراحات التي رفعت إليه تجعلها نسخة تقريبية من خطة سلفه باراك أوباما الهادفة إلى إضعاف داعش تمهيداً للقضاء عليه.
لم تحمل العناوين الرئيسية للخطة جديداً، ومعظمها بدا مألوفاً ومكروراً، ومنها إلحاق الهزيمة العسكرية بالمقاتلين في سوريا والعراق ومطاردة الجماعات الأخرى التي أعلنت الولاء لتنظيم أبو بكر البغدادي وتجفيف الموارد المالية التي تمكن التنظيم من مواصلة القتال وتعبئة مقاتلين جدد، إضافة إلى القضاء على الإيديولوجيات التي تحرك هذا التنظيم الإرهابي.
أما خيارات إقامة مناطق آمنة التي رفضها أوباما ووعد ترامب باللجوء إليها كحل إنساني لأزمة اللاجئين، فهي، استناداً إلى المعلومات التي يتناقلها الإعلام، مجرد أفكار قد يكون تطبيقها أخطر مما كان في ظل ولايتي أوباما، مع تقدم القوات السورية التي تدعمها إيران وموسكو أكثر من الرقة.
منذ وصوله إلى البيت الأبيض، ذكر ترامب مراراً بأنه سيقيم مناطق آمنة في سوريا، وأن الخليجيين سيدفعون كلفة هذا المشروع. لكنّ المشكلة لا يتجاهلها الرئيس الجديد أو ربما يجهلها، وهي أن التمويل ليس العقبة الوحيدة في مشروع كهذا يتطلب استثماراً أميركياً أكبر في النزاع، علماً أنه هو نفسه لم يبد يوماً حماسة لهذا الأمر، كما أن ثمة قادة عسكريين يعارضون المشروع لأنه قد يضطر واشنطن إلى الانخراط في عملية واسعة مما يتركها من دون إستراتيجية خروج من النزاع.
ولا تزال خطة المناطق الآمنة التي يصر عليها ترامب أشبه ببناء قصور من الرمال. فإلى إصرار الرئيس الأميركي على العمل مع موسكو ضد «داعش» ومع غياب أي تفاصيل دقيقة عن مشروعه الموعود، يزيد التشاؤم بهذه الخطة غياب رغبة حقيقية لدى الرئيس في التزام جدي حيال الأزمة السورية. همه الأبرز يتركز على مقاتلة «داعش» ووقف موجات اللجوء التي يربطها بتفاقم التطرف الإسلامي وما يمثله في رأيه من خطر على الأمن الأميركي. ومن هنا، يبدو إعلانه عن إنشاء مناطق آمنة أشبه بمحاولة ساذجة لإقناع السوريين بالبقاء في أرضهم.
أما التغيير الأبرز في خطة ترامب فيبدو أنه سيكون على حساب بعض الفصائل المعتدلة التي كان يعتمد عليها أوباما والتي تحدّث عنها مسؤولو إدارة ترامب باستخفاف، واصفين اياها بأنها متعاطفة مع «داعش» و”القاعدة”، وهي الأوصاف نفسها التي يستخدمها نظام الأسد للحديث عن الفصائل السورية المعارضة.