عندما أعلن الرئيس دونالد ترامب تعيين ريكس تيلرسون وزيراً للخارجية وصفه بأنه «تجسيد للحلم الأميركي». بعد أقل من أسبوعين، ربما أحسّ تيلرسون، بعدما أصيب بالذهول وهو يستمع الى ترامب واقفاً الى جانب بنيامين نتنياهو يعلن تخلّيه عن حل الدولتين أساساً لتسوية الأزمة الفلسطينية – الإسرائيلية، وهي السياسة التي تلتزمها واشنطن، ان ترامب يجسّد الخيبة الأميركية!
لكنها أولى خيبات تيلرسون ومعظم المسؤولين في الإدارة الأميركية الجديدة التي يتفق الجميع مع السيناتور جون ماكين على «انها تعاني فوضى غير معقولة». فمن الواضح ان ترامب يترك وراءه سحابة من الذهول وعدم التصديق، باتت تستدعي التساؤل: الى أي منحدر يمكن ان يقود الولايات المتحدة وهل يتوقف التخريب الذي يقوم به على الداخل أم أنه سيضرب علاقات أميركا مع الخارج؟
ليست الفظاظة ان يقرّع ترامب مثلاً حلفاءه الأطلسيين، أو ان يقفل سماعة الهاتف بطريقة عصبية مع رئيس وزراء أوستراليا، ولا أن يقول: «ان فلاديمير بوتين رجل قاتل، لكنني أحبه». الفظاظة الأدهى ان يكون كما يقول السيناتور بيرني ساندرز «رجلاً يعاني الكذب المرضي»، ولعل آخر أكاذيبه أنه وقف أمام مناصريه في فلوريدا يوم السبت الماضي ليسوق كذبة بلقاء وهي ان أسوج البلد المضياف للاجئين تعرّض لإعتداء!
قال: «أنظروا الى المانيا، إنظروا الى ما حصل امس الجمعة في أسوج، أسوج من كان ليصدّق، لقد استقبلوا عدداً كبيراً من اللاجئين والآن باتت لديهم مشاكل». وعندما تناقلت المواقع الرواية المفبركة لأنه لم يحصل شيء في أسوج، وحاول طاقم ترامب إلقاء المسؤولية على محطة «فوكس نيوز»، جاء الرد الظريف والمهين من السويد، عندما تساءل رئيس الوزراء الأسوجي السابق كارل بيلت: «ترى ماذا دخّن ترامب»؟
مواقع الإتصال الإجتماعي ردت قائلة: «ربما الماريهوانا»، وعملياً ليست هذه المرة الأولى التي يشير فيها أعضاء في ادارة ترامب الى هجمات ارهابية لم تحصل ثم يتداركون السخرية بالقول إنها كانت زلة لسان؟
لكنها أميركا يا جماعة، ورئيس أميركا الذي لم يتردّد في إرسال مناصريه للتظاهر أمام «C N N» في حين يقول ماكين إن هذا ما يفعله الديكتاتوريون عادة لإسكات الإعلام، يريد إسكات الإعلام ويقول «انه ضد المصالح الأميركية» ويريد إسكات القضاء الذي لا يطبق قراراته الهمايونية بعدم السماح لمواطني سبع دول اسلامية بدخول اميركا.
كل هذا سيخدم مثلاً مطالبة النائب أيرل بلينميور بتحريك التعديل الخامس والعشرين من الدستور الذي يتناول عزل الرئيس إذا كان غير لائق عقلياً ونفسياً، وهو ما يدفعني الى طرح السؤال مجدداً: ولكن كيف انتخب المقترعون في أميركا ترامب رئيساً… ان المشكلة فيهم وليست فيه!