لَيسَت المَرَّة الأُولَى – ولَن تَكون الأَخيرَة- التي أَتنَاول فِيهَا كِتَاب «إسلام السّوق»، للصَّحفي البَاحث السّويسري «باتريك هايني»، لأنَّ هَذا الكِتَاب – وأَمثَاله مِن الكُتب- يَشرَح وَاقِع الدُّعَاة الجُدد، أَو مَا يُسمَّى بــ«إسلَام السّوق»..!
إنَّ الحِجَاب والمُوسيقَى مِن الأشيَاء؛ التي تُثير جَدلاً عِند المَدرَسَة الإسلَاميَّة السَّلفيَّة، ولَكن كَيف تَعَامَل مَعهَا الدُّعَاة الجُدد، الذين يَتبنّون مَنهج «إسلَام السّوق»؟، حَيثُ تَحوَّل الحِجَاب – مَثلاً- مِن وَسيلة سَتر وعَفَاف، إلَى سِلعَة ومَاركَة تَتبَاهَى بِهَا الأُسر البُرجوَازيَّة، التي تُمثِّل أَغلَب جمهُور ومُرتَادي مَنَاطق «إسلَام السّوق»، والدُّعاة الجُدد..!
يَقول السيّد «باتريك هايني» فِي كِتَابه «إسلَام السّوق»: (الحِجَاب الذي يَرمز إلَى حَيَاء المَرأَة المُسلِمَة؛ أَصبَح يَستَعير العَلَامَات التُّجَاريَّة الغَربيَّة، والنَّشيد الإسلَامِي هَجر طَابع التَّقشُّف، والاندفَاع النِّضَالي، وأَصبَح يَستَلهم إيقَاعَات أَقرَب إلَى مُوسيقَى حَركَات العَصر الجَديدَة، أَو البُوب أَو الرَّاب. ويَتصَالَح مَع شَكل مِن الرُّومَانسيَّة العَفيفَة والوَاقعيَّة أَيضاً، أَمَّا فَريضة الزَّكَاة الإسلَاميَّة؛ فقَد أُخضِعَت لإعَادة تَعريف فِي إطَار إنسَانوي غَربي..!
ومَع انتشَار الأَنمَاط الجَديدة مِن التَّديُّن، سيُصبح الانفتَاح عَلى الخَارج، نَوعاً مِن الفَضيلَة الإسلَاميَّة، التي يَجب تَنميتها فِي مُواجهة الرِّيَاح والأموَاج، وحَركَات المَدِّ والجَزْر، التي تُميّز اندفَاعَات الهويَّة. وفِي خِضَمِّ ذَلك كُلّه، فإنَّ التَّوقُّعات والآمَال المُرتبطَة بالمِسَاحَات، التي تَخضع للأسلَمَة، لَم تَعُد تَأبه بالأطرُوحَات الرَّئيسيَّة، التي تَأسَّست عَليهَا السَّرديَّة الإسلَامويَّة الكُبرَى. فإقَامة الخِلَافة وتَطبيق الشَّريعَة والدَّولَة الإسلَاميَّة، وإعَادة الفَتح عَلى أَسَاس الهويَّة الإسلَاميَّة، وفِكرة البَديل الحَضَاري، كُلّها أَصبَحت مَواضيع قَديمَة؛ فِي نَظَر المُدَافعين القُدَامَى عَنهَا، كَما هي لَدَى أُولَئِك الذين يُجنَّدون حَولَها اليَوم)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نَقول: يَا قَوم، افحَصوا مَلابسكم، ونَقِّبُوا فِي المُوسيقَى التي تَستَمعون إليهَا، لتَعرِفوا هَل أَنتُم مِن ضَحَايَا «إسلَام السّوق»، أَمْ مَازلتُم تَتمسَّكون بإسلَامكم..!!