اخترنا لكالأخبار

مبدع “أولاد حارتنا” مازال يسكن قلوب العرب

 

رحل بجسده لكنه باق بأعماله وأدبه وكتاباته التي تملك القدرة على النفاذ إلى الإنسان في كل مكان، فهو من الشخصيات التي صنعت تاريخًا أدبيًا لمصر والعالم العربي امتد قرابة 68 عامًا، منذ بداية كتابته للقصة القصيرة وانصرافه الى العمل الادبي بشكل شبه دائم.. هو رائد وأمير وفارس الرواية العربية .. هو علامة حاسمة في تاريخ الكتابة العربية ونقطة مضيئة في تاريخ الأدب العالمي ..

هو “نجيب محفوظ” الروائي المصري وأول عربي حصل على جائزة نوبل في الأدب، تلك الجائزة التي لم تغير شيئًا فيه فقال عنها: “إن الجوائز لا تشرف الرجال .. ولكن الرجال هم الذين يشرفون الجوائز، فاذا كانت نوبل قد أعطت نجيب محفوظ حفنة من المال، فانه قد أعطاها من فنه مالًا بقدر مال”.

محفوظ والطبقة المتوسطة..

العالمي الشهير، الحاصل على جائزة نوبل، أقام في شقة بسيطة متواضعة بمنطقة العجوزة بمحافظة القاهرة ولم يغيرها حتى بعد أن اشتهر عالميًا، ولذلك كانت اهتماماته وكتاباته موجهة إلى البسطاء، فجسد هموم الناس وأحلامهم، وكانت أولى رواياته التي نشرها عن التاريخ الفرعوني ومن ثم بدأ يكتب الرواية الاجتماعية التي نقل فيها حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، وصور حياة الأسرة المصرية البسيطة، كما عبر عن هموم ومشاكل الإنسان المصري البسيط، فكانت رواياته تتميز بالواقعية، وكان يعتبر أن الطبقة المتوسطة هي حجر الأساس للمجتمع المصري، فهي الأكثر تأثيراً وتأثراً بكل ما يحدث من تقلبات اجتماعية وسياسية واقتصادية، فخلال مشروعه الأدبي لم يكتب إلا عن الطبقة المتوسطة.

المرأة والحب والزواج..

لم ينظر للمرأة إلا باعتزاز ورقي، فكان يرى أن الحياة بدونها ناقصة ولا لون لها وأن وظيفة المرأة في البيت لا تقل عن وظيفتها في الوزارة.

وكان يرى أن الحب هو أن يجد الإنسان في شخص آخر ما يحدث في شخصيته من الناحية المادية والروحية توازنًا وانسجامًا و يؤمن أن الحب الناضج يقوم على أمرين وهما الجاذبية الجنسية والتوافق الروحي ودونهما لا يكون حب”.

أما الزواج، فكان يرى أنه مؤسسة ضرورية في المجتمعات، فاذا كان موفقًا من الناحية التعليمية والتربوية والثقافية فهو يبشر بقيام حضارة في هذه البقعة”.

النشأة والتربية ..

ولد محفوظ في القاهرة في حي الجمالية في 11 ديسمبر 1911، وامضى طفولته في العديد من الأحياء القديمة مثل العباسية والحسين والغورية والتي كان لها أثر على كتاباته الأدبية، وعاش في جو أسري يسوده الحنان والاحترام، فوالده “عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا”، ووالدته “فاطمة” ابنة الشيخ مصطفى قشيشة من علماء الأزهر، وكان شديد التعلق بوالدته خصوصًا بعد وفاة والده وبقائه معها بعد زواج أخوته، و كانت والدته تزوده بالكتب النادرة من الأزهر، وترافقه لزيارة الآثار المصرية القديمة ومشاهدة الموميات، و كان فارق السن بينه وبين أخوته له أثر على حياته العائلية والاجتماعية، فلعبت الصداقة دورًا كبيرًا في حياته للتعويض عن هذا الفارق.

المدرسة وصراع الجامعة ..

وبدأت رحلته مع التعليم عندما بلغ الرابعة من عمره في ذهابه الى “ُكتَاب الشيخ بحيري”، ومن ثم التحق بمدرسة بين القصرين الابتدائية، و حصل على شهادته الثانوية من مدرسة فؤاد الاول، وعلى ليسانس الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة، وحصل بعدها على اجازة في الفلسفة عام 1934 وأثناء اعداد رسالة الماجستير كان لديه صراع حاد بين متابعة دراسة الفلسفة وبين ميله الى الادب الذي نمى بعد قراءاته الكثيرة للعقاد وطه حسين، لذلك قرر فيما بعد ان يتفرغ تماماً للأدب، وبدأ محفوظ بنشر مقالات وأبحاث فلسفية وهو في سن التاسعة عشر لمدة 15 عاماً، الى أن اختار الكتابة الادبية فبدأ بكتابة القصة القصيرة عام 36، ونشر اول قصة قصيرة له في المجلة الجديدة الاسبوعية وكانت بعنوان ” ثمن الضعف”.

عمل في العديد من الوظائف الرسمية ولكن العمل الذي انخرط فيه وسيطر على حياته هو الكتابة، فعمل سكرتيراً برلمانياً بوزارة الأوقاف من عام 38 حتى 45، ثم انتقل للعمل في مكتبة الغوري بالازهر، ثم مديرًا لمؤسسة القرض الحسن بوزارة الأوقاف وتدرج في مناصبه فعمل وزيرا لمكتب الإرشاد، ومن ثم مديرًا للرقابة على المصنفات الفنية في عهد وزير الثقافة ثروت عكاشة، وبين عامي 52- 59 كتب نجيب محفوظ عددا من السيناريوهات للسينما، ومن ثم عمل مديرا عاماً لمؤسسة دعم السينما، وبعدها مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والاذاعة والتلفزيون، ثم عين رئيسا لمجلس ادارة المؤسسة العامة للسينما الى ان أحيل الى التقاعد عام 1971، فانضم الى مؤسسة الاهرام وعمل بها كاتباً.

روايات تحولت لأفلام ومسلسلات..

“عبث الأقدار”، تحولت إلى مسلسل بعنوان الأقدار بطولة عزت العلايلي وأحمد سلامة، “القاهرة الجديدة” حُولت إلى فيلم بعنوان القاهرة 30 من بطولة حمدي أحمد وسعاد حسني وأحمد مظهر وعبد المنعم إبراهيم، “خان الخليلي” حولت إلى فيلم من بطولة عماد حمدي وسميرة أحمد وحسن يوسف، “قاق المدق” حُولت إلى فيلم من بطولة شادية وصلاح قابيل وحسن يوسف ويوسف شعبان وحسين رياض.

كما تحولت “السراب”، “بداية ونهاية”، “بين القصرين”، “قصر الشوق”، “الكرنك”، “السمان والخريف” إلى أفلام مشهورة.

جوائز ..

حصل على عشرات الجوائز ومنها: جائزة قوت القلوب الدمرداشية، وزارة المعارف، مجمع اللغة العربية، جائزة الدولة في الأدب، وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، جائزه كفافيس، قلادة النيل العظمى، وجائزة نوبل للآداب عام 1988.

النهاية ..

تُوفي نجيب محفوظ في 30 أغسطس 2006 ، إثر قرحة نازفة بعد عشرين يومًا من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة بمحافظة الجيزة لإصابته بمشكلات صحية في الرئة والكليتين.

 

أخبار ذات صلة

Back to top button