لا يشذ دونالد ترامب عن أسلافه في البيت الابيض من حيث جعل اسرائيل الركيزة التي لا تتبدل في السياسة الخارجية الاميركية في الشرق الاوسط. لكن الرئيس الاميركي الجديد المعروف بتهوره مستعد على ما يبدو للذهاب أبعد في هذه المسألة التي تصل الى حدود التخلي عن دعم «حل الدولتين» الذي درجت عليه الادارات الاميركية منذ انعقاد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.
ولا تقف المشكلة عند هذا الحد، بل ان سياسة استرضاء اسرائيل تقود ترامب الى اعادة فتح الملف الايراني، من الاتفاق النووي الى ما يقال عن قرب اصدار أمر تنفيذي يطلب من وزارة الخارجية ادراج الحرس الثوري على لائحة المنظمات الارهابية الاجنبية. وهذه ستكون سابقة من حيث تصنيف مؤسسة رسمية في دولة ما ارهابية. ولا يبدو ان الاعتراضات الداخلية أو حتى اعتراضات حلفاء للولايات المتحدة على هذا التوجه ستثني ترامب عن المضي في قراره.
أضف أن ترامب يخطط لتقديم اغراءات لروسيا كي تحد من الدور الايراني في سوريا وربما تجاوز ذلك على صعيد التلويح للحكومة السورية نفسها بأن واشنطن على استعداد لاعادة فتح قنوات مع دمشق، شرط ان تعمل هذه على الابتعاد عن ايران.
وعندما يقول ترامب إنه لا يستبعد أي خيار بما في ذلك الخيارات العسكرية في التعامل مع ايران، فإن الرجل ربما كان يخطط لما هو أكثر من الاكتفاء بفرض عقوبات والتفكير جدياً في الاحتمالات العسكرية بما يتفق ورأي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يستعد البيت الابيض لاستقباله في 15 شباط الجاري.
خطاب ترامب عن ايران يشي بأن المواجهة مع ايران ستكون أساس سياسته في الشرق الاوسط بخلاف سياسة سلفه باراك أوباما الذي بنى سياسته الشرق الأوسطية على توقيع الاتفاق النووي مع ايران مع محاولات لمد الجسور معها لتسوية النزاعات الاقليمية من العراق وسوريا الى اليمن.
سياسة ترامب المتهورة حيال ايران، لن تؤدي بالضرورة الى نجاحات أميركية أو اسرائيلية. عندما اندفع جورج بوش الابن الى الخيارات العسكرية في أفغانستان والعراق، دفعت أميركا الثمن في ما بعد ولم تكن النتيجة الا دمار هذين البلدين وتعزيز انتشار التنظيمات الجهادية.
والمواجهة الجديدة التي يعد لها ترامب، لن يكون مآلها أفضل ولن تكون نتيجتها سوى تعزيز الفوضى وتقوية الارهاب في المنطقة.
وربما كان اعلان قادة في الجيش الاميركي قبل أيام أمام الكونغرس أن القوات الاميركية “منهكة”، بمثابة رسالة اعتراض من العسكريين الاميركيين على فكرة تدور في رأس ترامب قبل ان يقع في التجربة الايرانية.