قد قيل … قد يُقال … كلمات كثيراً ما نجدها في قاموس الحديث العربي العراقي وغير العراقي, ويستخدمها عامة الناس بشكل عام في حياتهم اليومية وهم يتجاذبون أطرف الحديث وغالباً ما يستخدمونها في مقدمة الكلام أو الحدث الذي إما لا وجود له أصل أو حقيقة أو الكلام غير الواقعي وفي حال كان هناك معترض على هذا الحديث يكون التبرير جاهز وهو ( إنه قد قيل أو قد قال ولا يوجد تأكيد على هذا الحديث ) وهنا نطرح مثال توضيحي وهو مستوحى من قصة :
القصة تقول؛ هناك رجل دين خطيب جامع تحدث بقصة للناس فيها عبرة تقول القصة, قد قيل إن هناك ثلاث لصوص سرقوا كنزا من إحدى القصور ووضعوا هذا الكنز على ظهر حمار, وخرجوا خارج المدينة متوجهين إلى أخرى لبيع الكنز, وفي الطريق إتفق إثنان منهما على قتل الثالث لتكون حصتيهما مناصفة, وفعلا قتلوا شريكهم الثالث, وبعد ساعات قليلة وسوس الشيطان لأحد الباقين فقرر قتل صديقه ليفوز هو بالكنز كله, فقتله فعلاً وأثناء الطريق وهو يحاول أن يصعد أحد الجبال وقع من أعلى الجبل ومات, فعاد الحمار بالكنز للقصر, فقام أحد الأشخاص المتواجدين في الجامع وإعترض على الشيخ فقال له ( وكيف عرفت أحداث هذه القصة يا شيخنا إذا كان أصحاب الشأن ماتوا ؟ هل قصها عليك الحمار ؟) فهرب الشيخ من هذا الإعتراض وقال ( قلت لك قد قيل ) وهذا لا يعني إن القصة حقيقية لكن نستفيد منها للعبرة فقط.
وفعلاً تجد أغلبية الناس يتحدثون بهذا النمط وبهذه الطريقة, لكن ما يدهشنا هو أن تجد من يدّعون إنهم علماء وشيوخ وقادة أمة يستخدمون هذا الأسلوب, فأي إنسان لا يعجب إن وجد هكذا إسلوب عند أي شخص « مكلف » بسيط, لكن العجب عندما تجده هذا الأمر هو إسلوب ومنهج يبنى عليه فكر وعقيدة ومذهب والأعجب من ذلك كله إنه يصبح أداة للقتل وسفك الدماء والتهجير والتلويع والتشريد, وهذا ما نراه واضحاً في فكر ومنهج وآراء إبن تيمية, فهو دائماً وأبداً وفي كل كتبه ومؤلفاته تجده يضع عبارة « قد قيل » و « قد يقال » من أجل التبرير والتشويش والإلتفاف على الناس, فإن كان هناك معترض على قوله فيقول هو أو من يتبعه من الدواعش التيمية فإنه يقول « لم أتبنَ هذا الرأي وإنما قلت قد قيل أو قد قال فلان » !!! ولا نعرف لماذا ذكر هذا الرأي إن كان لم يتبناه ؟؟!!.
وقد أوضح المرجع الديني السيد الصرخي الحسني هذا الأمر في محاضرته الرابعة عشرة من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) في تعليق له على كلام ابن تيمية في كتاب بيان تلبيس الجهمية, حيث يقول ابن تيمية في ((… وقد يقال: بل أثبت رؤية القلب ورؤية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقلبه كرؤية العين، كما تقدّم ذكر هذا من كلام الإمام أحمد وغيره، فلم يكن كلام ابن عباس مختلفًا وتكون هي رؤية يقظة بقلبه …)), وعلق المرجع الصرخي على هذا الكلام بقوله :
{{… التفت: عندما يأتي التيمية على رأي للتدليس لصالحهم، وعندما يأتي (قد يقال) يقولون: هذا هو رأي ابن تيمية، ولا يقولون: هذه للتقليل، وإذا كان الكلام يخالف أهواءهم ويخالف نفوسهم المريضة ويخالف مغالطاتهم، يقولون: إنّه قال: (قد يقال) وهذا تضعيف، إذن لا يتبنى هذا، ومرة أخرى حتى لو يأتِ بهذه العبارة أو التقليل يقولون: ينقل رأي الغير، ومرة أخرى يقولون: هو في مقام الرد على الآخرين ولا يتبنى هذا الرأي، وحسب ما يشتهون، المهم هنا وحتى نتعلم طريقة الاستدلال بأنه تحدث عن الرؤية في الآخرة وتحدث عن الرؤيا في المنام، فمقابل هذا بقيت رؤيا اليقضة، لكن رؤيا اليقضة فيها حصتان؛ رؤية عين في اليقضة ورؤية فؤاد في اليقضة، فاحتمال يراد هنا: رؤية فؤاد في اليقضة، ورؤيا القلب هي رؤيا عين بالنسبة للأنبياء …}}.
فكما هو واضح وجلي عند كل من يرى بعين واعية وعقل وبصيرة وتدبر إن هذا الإسلوب قد تميز به التيمية الدواعش من أجل التبرير لفكرهم وعقيدتهم الدموية الإرهابية القاتلة السافكة للدماء والوثنية التي يجسمون ويجزءون الله فيها ” تعالى الله عما يصفون ” ومن أجل التهرب من أي إعتراض قد يواجهونه, فهذه هي الغاية من وضع عبارة « قد قيل » و « قد يقال » عند كل من يريد أن يتهرب من الحقيقة ويصنع الخيال لنفسه وغيره ويوهمهم بما يريد أن يقوله.