نون والقلم

أكاذيب وحقائق في حقبة ترامب

يخرج علينا الرئيس دونالد ترامب يومياً بتغريدات وتصريحات مصممة لخلخلة الاعراف والمقاييس السياسية تشمل مواقف سياسية ومشاعر شخصية وتتسم بالمبالغات والاكاذيب وتهدف الي تصفية حساباته السياسية، وابقاء الاضواء الاعلامية مسلطة عليه. وبعد كل وابل من التغريدات الغريبة يترك ترامب لمساعديه المشدوهين مهمة تنظيف آثاره، وتبرير كبواته في الوقت الذي يواصل المحررون والمدققون تصحيح السجل وفقاً لاسلوب يمكن استعارته من الثقافة السياسية العربية قبل نصف قرن أي أسلوب «أكاذيب تكشفها حقائق» (بعد قلبه رأساً على عقب لان الحقائق العربية آنذاك لم تكن أفضل من الاكاذيب) وهذا ما تقوم به الصحافة الاميركية التي تتعرض اليوم لاشرس هجمة حكومية منذ حقبة الرئيس ريتشارد نيكسون اوائل السبعينات من القرن الماضي.

يوم الاثنين، وفي كلمة ألقاها أمام العسكريين في مقر القيادة المركزية بولاية فلوريدا التي تشرف على القوات الاميركية في الشرق الاوسط، وجه ترامب اتهاماً غريباً في سياق حديثه عن انتشار الهجمات الارهابية في العالم، إذ ادعى أن الصحافة الاميركية لا تغطيها، قائلاً: «وفي حالات كثيرة لا تريد الصحافة غير الصادقة أبداً ان تغطيها. لديهم أسبابهم وانتم تدركون ذلك» من غير ان يوضح ما يقصده. والاستياء الواسع الذي أثاره هجوم ترامب، دفع البيت الابيض الى الاسراع في اصدار قائمة من الهجمات الارهابية التي ادعت الادارة ان الاعلام لم يغطها بما فيه الكفاية. وتشمل القائمة هجمات باريس وبروكسيل وسان بيرناردينو وأورلاندو التي غطتها الصحافة الاميركية بشكل مكثف. وقبل أيام ادعت مستشارة ترامب، كيلي آن كونواي ان ادارة الرئيس أوباما سمحت لمواطنين عراقيين في 2011 بدخول البلاد حيث ارتكبا «مذبحة بولينغ غرين » في ولاية كنتاكي. المشكلة، هي انه لم تقع هناك أي مذبحة، وكل ما حدث هو اعتقال العراقيين. وكان ترامب قد ندد بهجوم متحف اللوفر الاخير، لكنه لم يغرد ويندد بالهجوم الذي قتل ستة مسلمين في جامع كيبيك.

ويوم الثلاثاء ادعى ترامب ان معدلات الجريمة في أميركا وصلت الى اعلى مستوياتها منذ 45 سنة، مجددا اتهام الصحافة بتجاهل ذلك. طبعاً احصاءات «الاف بي آي» تقول عكس ذلك تماماً، وهي تظهر ان معدلات الجريمة التى وصلت الى اعلى مستوياتها في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي (10 في المئة من بين مئة ألف) انحسرت الى أقل من 5% الآن.

ترامب يسعى من هذه المبالغات الى تعبئة الرأي العام في مواجهته مع القضاء الاميركي الذي تحدى أمره التنفيذي بفرض حظر على دخول اللاجئين السوريين، وحظر موقت على دخول رعايا سبع دول ذات أكثرية مسلمة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى