فيما ينشغل «بعض» العرب والمسلمين بما يجري في البيت الأبيض، ويحاولون «تأجيل» قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يقر الكنيست الإسرائيلي (برلمان العدو) بشكل نهائي قانون تشريع الاستيطان بأغلبية 60 صوتاً ومعارضة 52 صوتاً، وهو قانون أخطر بكثير من قرار نقل السفارة إلى القدس، لأنه كما سمته افتتاحية صحيفة «هآرتس» العبرية قانون «السرقة» وليس كما يسمى في الكيان الصهيوني: قانون التسوية!
قرار نقل السفارة على خطورته، له بعد «رمزي» وهو يتقصد «إهانة» المشاعر الإسلامية، ، لكن قانون السرقة الجديد، هو بمعنى أو بآخر «ضم» أراضي فلسطينية يعترفون بأنها ليست لهم، إلى «دولة!» إسرائيل، رسميا، وإضفاء صفة «شرعية» على تلك الأراضي، ولا نتحدث هنا عن المستوطنات السمينة التي أقيمت على أراض فلسطينية صودرت من قبل، بطرق «قانونية!» ويطبق عليها الآن القانون الإسرائيلي، بل عن أراض اغتصبها مستوطنون، وسميت بؤر استيطانية «غير شرعية!»
الجانب الأهم في المشهد، ما أعلنه رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، الذي لم يتمكن من الوصول إلى الكنيست للتصويت لتأخر طائرته العائدة من لندن، أنه «نسق أمر تشريع القانون مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب»، وافهموا ما تريدون يا عرب من هذا التصريح والتلميح!
لمن لا يعلم، يسمح القانون الجديد بتبييض نحو خمسة آلاف بيت أقامتها إسرائيل في المستوطنات الإسرائيلية على أراض فلسطينية خاصة، ويخشى أن تصدر بحقها أوامر هدم وإزالة قضائية، حيث يتيح القانون تحويل هذه الأراضي التي سيطر عليها المستوطنون إلى أراض بملكية الدولة، مقابل وضع منظومة «تعويضات» لأصحاب الأرض الفلسطينيون، عبر مصادرة «حقهم في استعمال الأرض»، وإرغامهم على قبول رسوم تأجير للأراضي بقيمة تصل إلى 125% من قيمة الأرض، أو إعطائهم أراضيَ بديلة!
تزامن القانون الذي بدأ إعداده وتشريعه قبل نحو شهرين تقريباً، بعد حلول الموعد النهائي لتنفيذ أمر قضائي بإخلاء 40 بيتاً في مستوطنة «عمونا»، والتي أقيمت على أراضي خربة المزرعة التابعة لفلسطينيين من قرى عين يبرود وسلواد والطيبة، وهو يهدف بالتالي إلى وقف أي إجراءات ضد بيوت المستوطنين التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة في 16 مستوطنة، وتجميد هذه الإجراءات على مدار عام كامل، حتى يتم إيجاد تسوية للبيوت في هذه المستوطنات التي لم يتم بناؤها على أراض تطلق عليها دولة الاحتلال «أراضي دولة»!
ووفقاً لنصوص القانون، فإنّ كل القطع التي أقيمت عليها بيوت للمستوطنين على أراض فلسطينية خاصة، تتم مصادرتها لتصبح ملكيتها تابعة لدولة الاحتلال، بحجة أن هذه المستوطنات أقيمت إما بإيعاز وقرار من الحكومات الإسرائيلية، أو بادعاء أنّ المستوطنين أقاموا بيوتاً عليها «بحسن نية» دون أن يعرفوا أنّها أراض خاصة!
قانون «السرقة» هذا، الذي يأتي بمباركة ترامب، كما ألمح نتيناهو، هو ضربة أخرى لمن لم يزل يدعي أن هناك أملا في تسوية سياسية، مع «دولة» عصابات و«مشرعين» تلمح صحيفة «هآرتس» العبرية في افتتاحيتها يوم الاثنين بأنهم «حرامية» يحمون الحرامي، حين تقول: يرفع معظم أعضاء السلطة التشريعية أيديهم كي يقروا للدولة سرقة أراضي الفلسطينيين. وستتم السرقة بأثر رجعي: مستوطنات وبؤر استيطانية اقيمت على أراض خاصة ستصادر من أصحابها بشكل رسمي وتمنح السارقين الساكنين فيها «مثابة البراءة». ولمنح السرقة بعدا متساويا، فان الفلسطينيين الذين يثبتون ملكيتهم سينالون تعويضا ماليا زائدا!