يحتل دونالد ترامب ٣٥٪ من مساحة الأخبار التي تتناقلها الوسائل الإعلامية في العالم، ولكن لم يسبق لرئيس أكبر ديموقراطية أن بدا كمهرّج موتور كما يبدو ترامب الذي يدير أميركا كما أدار أمبراطوريته العقارية مستعملاً إبهامه المرفوعة دائماً أكثر مما يستعمل عقله.
المثير ان معارك ترامب الداخلية مع المؤسسات الأميركية هي أكثر من معاركه مع الدول الخارجية، وهذا ما قد يؤسس لسلسلة من الخيبات التي سيلاقيها في الخارج، انطلاقاً من مشاكله الداخلية التي يختصرها عنوان مجلة «تايم» في عددها الأخير: «دونالد ترامب: رئيس الولايات المتحدة المنقسمة»!
نهاية الأسبوع خسر ترامب وبطريقة مُذلة تقريباً، قراره تعليق دخول مواطنين من سبع دول اسلامية الى الولايات المتحدة، عندما قرر القاضي الفيديرالي في سياتل جيمس روبارت نقض قراره كما فعل قضاة آخرون، وعلى رغم اعتراض وزارة العدل أصرّت المحاكم الفيديرالية على نقض قرار الرئيس، ومع فتح أبواب اميركا أمام مواطني الدول السبع الذين يحملون تأشيرات نظيفة غرّد ترامب: «ان رأي هذا الذي يسمى قاضياً ويحرم بلدنا تطبيق القوانين سخيف وسيلغى»!
لكن مشكلة ترامب ليست مع القضاء [في المناسبة نحن في لبنان يقال عندنا القضاء قدر بإذن الله]، بل أيضاً مع الإعلام ومع شركات تقنية أقامت دعوى مشتركة عليه بسبب قرار الحظر ومنها «تويتر» التي يعتمدها منصة للرد على الصحافيين و«أوبر»و«نت فليكس» و«اب نيكسيس» و«سيليس فورس» و«فايسبوك» و«غوغل»، معتبرة ان قراره يمثل زلزالاً يصيب المبادئ الأميركية.
وسائل الإعلام لم تكن أكثر رأفة مع ترامب فعندما تعمّدت «تايم» اختياره شخصية العام، تبيّن للجميع انها تعمّدت إظهاره على شكل شيطان من خلال غلافها الذي بدا فيه حرف «M» على رأس ترامب وكأنه «قروني الشيطان وظلال الوحش»، وعلى رغم محاولة المجلة نفي تعمّدها هذا لم تتوانَ رئيسة تحريرها نانسي غيبس في القول، ما هو أهم من هذا يبقى التحدي الكبير المتمثّل بانقسام البلاد في شكل كبير… وفي أي حال نجح ترامب لأنه بنى طروحه الغوغائية على مقدار كبير من اليأس عند شرائح واسعة من المجتمع الأميركي!
ليس قليلاً مثلاً، ان تختار مجلة «در شبيغل» الإلمانية المحترمة لغلافها هذا الأسبوع صورة ترامب قاطعاً رأس تمثال الحرية ورافعاً في اليد الأخرى سكيناً تقطر دماً، ولكأنه البريطاني محمد اموازي أي الجهادي جون قاطع الرؤوس، وهو ما وصفته «الواشنطن بوست» بأنه «غلاف مدهش»، بعدما كانت «النيويوركر»، اختارت غلافاً يظهر تمثال الحرية وشعلته مطفأة، وظهر كاريكاتور للتمثال راكضاً وهو يقول: «أنا عائد الى فرنسا»!
فكيف عندما يقول ترامب لمجلة «فوكس نيوز» ان فلاديمير بوتين قاتل لكنني أحبه!