اخترنا لكنون والقلم

ترامب يتصرّف كديكتاتور… وحزبه يماشيه!

المُتابع الأميركي الجدّي للأوضاع في بلاده قال في رسالته الإلكترونية لي بتاريخ 21 كانون الثاني الماضي: “الخطاب الذي ألقاه الرئيس ترامب بعد “القسم” كان خطاب حملة انتخابيّة لا خطاب تولّي الرئاسة. فهو توجّه عبره إلى قاعدته الشعبيّة، واستغلّه لمهاجمة “المؤسّسة” المكوّنة من الجمهوريّين والديموقراطيّين، ولإهانة الرؤساء السابقين، وهو مشكلة للحزب الجمهوري أو سيكون. الديموقراطيّون سيعارضونه وأعماله، ولكن السؤال هو: ماذا سيفعل الجمهوريّون؟ هل يتجرّأون على معارضته؟ فهو يتحدّث مثلاً عن حدود للمُدَد (من مُدّة). ولا أحد في الكونغرس يؤيّد ذلك، على كل سأُتابع مواقف هؤلاء”.
وفي الـ 24 من كانون الثاني أيضاً قال في رسالة إلكترونية أخرى: “لقد بدأت “الانعزاليّة” و”الحمائيّة” في أميركا. ونظراً إلى “ازدهار” الحركات اليمينيّة في أوروبا فإنني أتساءل عمّا سيحمله المستقبل لنا. ما هو ثابت أن “إنعزاليّة” الولايات المتحدة في النصف الأول من العقد الماضي قادت مباشرة إلى الحرب العالمية الثانية. في ذلك الوقت كان مجلس الشيوخ الجمهوري هو الذي رفض التصديق على معاهدة انضمام أميركا إلى “عصبة الأمم”. علماً أن الرئيس وودرو ولسون كان من تفاوض عليها مع الأوروبيّين الغربيّين. هل نحن سائرون في هذا الاتجاه؟ أتساءل”.
وفي الـ25 من كانون الثاني الماضي نفسه تلقّيت من المتابع الأميركي الجدّي نفسه ثلاث رسائل الكترونية مُقتضبة. قال في أولاها: “لقد رسمت الصين خطاً أحمر فوق تايوان. وهذا أمر غير قابل للتفاوض معها. كما رسمت خطوطاً حمراً فوق بحر الصين الجنوبي وجزره، وهي مستعدّة للتفاوض فقط حول “التجارة” مع أميركا. الرئيس الروسي بوتين أشار إلى أنه لن يمارس التبادليّة في موضوع العقوبات، أي لن يقدّم شيئاً في مقابل رفعها، إذ على ترامب أن يرفعها آحاديّاً في رأيه. قد يكون ذلك مناورة ترمي بضجيجها إلى إزعاج أوروبا الغربيّة والأعضاء الأوروبيّين في حلف شمال الأطلسي. والآن مع تشكيل فريق الأمن القومي سوف نرى قريباً إذا كان ترامب سيصغي إليه”.
وقال في الرسالة الثانية: “الرجل مجنون. منْع اللاجئين من عدد من الدول المسلمة، ونقْل السفارة الأميركيّة إلى القدس، والخروج من معاهدة التبادل التجاري عبر المحيط الهادي، وإعادة التفاوض حول معاهدة “نافتا”، وبناء جدار على الحدود مع المكسيك، والتهجّم على الصين، كل ذلك سيخلق مشكلات كبيرة. لكنّه لا يهتمّ. فهو يعتقد أن غالبيّة الأميركيّين تؤيّده ومعها الشركات الكبرى. ويعتقد أيضاً أن على الآخرين في العالم أن يسيروا وفق قراراته، فضلاً عن أن اعتزامه التحقيق في التزوير الانتخابي الذي يزعم حصوله يسبِّب الضيق للجمهوريّين. فهو يتصرّف كديكتاتور وحزبه يماشيه لاعتقاده أن لا بديل منه. أصلّي من أجل تدخّل إلهي”.
وقال في الرسالة الثالثة: “لقد راهنت ضدّه وخسرت. وحصل ذلك معي مرّات سابقاً بحيث لم أعد راغباً في التصرّف على هذا النحو. الآن وقد فاز على الشركات الكبرى والاتحادات العمّالية بوعوده تقليص الضرائب وتوفير فرص العمل، فإنّه يستطيع الربح بالضغط على الدول الأخرى كي تمنحه شروطاً تجاريّة أكثر ملائمة لبلاده. وقد لا يعوق ذلك ارتفاع أسعار السلع المصنّعة في أميركا. أنا مُربك ومحتار”.
وفي الـ 26 من كانون الثاني الماضي قال المُتابع الأميركي نفسه في رسالة أخرى، معلّقاً على جوابي عن آخر رسالة له دعوته فيها إلى عدم اليأس واعتبار ما يجري مباراة ملاكمة من 15 جولة: “أوافق على أن مباراة الملاكمة قد تستمر 15 جولة لكن إذا كان ما يحصل في بلادي من هذا القبيل فإن كثيراً من الأذى سيلحق بها في نهاية المباراة على الصعيدين الداخلي والدولي. أجد نفسي متسائلاً حول كوريا الشماليّة والصين. فالأخيرة ليست مسرورة بسياسات رؤسائنا. لقد رسموا لها خطوطاً حمراً مهمّة عدّة لذلك أتساءل إذا كانت الصين ستستمر في محاولة ضبط الرئيس الكوري الشمالي، أو ستُطلق العنان له وتتركه يُطلق صواريخه الباليستيّة البعيدة المدى. في أثناء الحملة الانتخابيّة قال رئيسنا (أوباما) إن ذلك لن يحصل. لكن يبدو أن “الاطلاق” قد يحصل في أي وقت. كيف سيوقف رئيسنا ذلك؟ أتساءل. وأتساءل أيضاً: هل يكون ذلك أول اختبار لرئيسنا؟ هل يمكن أن يشعر بعض القوى ولا سيّما داخل الصين أن الصراع في شبه الجزيرة الكوريّة هو الطريق الصحيحة لتوجيه رسالة حازمة إلى رئيسنا ترامب؟”.

sarkis.naoum@annahar.com.lb

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى