تجدد الخلاف بين اتحادى المستثمرين والغرف التجارية مرة أخرى، عقب تنظيم الأخير مؤتمرا صحفيا ضخما يوم الاثنين الماضى، لوفد من رجال الأعمال الأتراك برئاسة رفعت أوغلوا رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية، وهو ما أغضب المستثمرين بسبب ما وصفوه بهجوم التجار المصريين والأتراك على إجراءات الدولة للحد من الاستيراد.
وأصدرت الحكومة ممثلة فى وزارة التجارة والصناعة عدداً من القرارات خلال العامين الماضيين للحد من الاستيراد العشوائى وتقنين إجراءات الاستيراد، وبدأت أولى تلك القرارات خلال شهر إبريل عام 2015 بقرار وزير الصناعة وقتها منير فخرى عبد النور، بمنع استيراد المنتجات ذات الطابع الشعبى، ثم صدور قرار رقم 991 نهاية العام بمنع استيراد نحو 70 سلعة إلا بعد التعامل مع الشركات أو الجهات القائمة على الفحص قبل الشحن إذا ما تبين عدم مطابقة بيانات شهادة الفحص الصادرة منها مع نتائج الفحص العشوائى، وذلك لمدة 6 شهور، وفى حالة العود يوقف التعامل نهائيا بقرار من وزير التجارة.
واختتمت الوزارة تلك القرارات بقرار رقم 43 لسنة 2016، بشأن تعديل القواعد المنظمة لتسجيل المصانع المؤهلة لتصدير منتجاتها إلى جمهورية مصر العربية، ونص القرار على إنشاء سجل للمصانع والشركات مالكة العلامات التجارية المؤهلة لتصدير المنتجات الموضحة بالبيان المرفق إلى جمهورية مصر العربية بالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.
وأوضح أنه لا يجوز الإفراج عن هذه المنتجات الواردة بقصد الاتجار، إلا إذا كانت من إنتاج المصانع المسجلة أو المستوردة من الشركات مالكة العلامة أو مراكز توزيعها المسجلة.
وأثارت تلك القرارات وقتها حفيظة التجار، ووصفوها بقرارات «خنق» الاستيراد، مؤكدين أن الصناعة الوطنية ضعيفة وغير قادرة على اكتفاء احتياجات السوق، غير أن الصناع وعلى رأسها اتحادى الصناعات والمستثمرين، أكدوا مساندتهم الكاملة للقرارات، بحجة أنها تأتى فى إطار الجهود لضمان جودة المنتجات المستوردة متدنية الجودة حفاظاً على صحة وسلامة المستهلك المصرى من ناحية، ومن ناحية أخرى تشجيع الصناعة المحلية وزيادة قدرتها والحد من المنافسة غير العادلة وغير المشروعة ودعم الاقتصاد الوطنى وشعار صنع فى مصر.
جدير بالذكر، أن توجه الدولة نحو علاج الخلل فى الميزان التجارى لمصر حسم الأمر لصالح الصناع، خاصة وأن القرارات بدأت تؤتى بثمارها وتراجع العجز فى الميزان التجارى بنسبة 17.4 % فى 2016 بعد ارتفاع الصادرات بنسبة 8.65 % لتبلغ 20.285 مليار دولار، وانخفاض الواردات بنسبة 10.56% لتبلغ 62.925 مليار دولار، ليصل العجز بالميزان التجارى 42.640 بليون دولار من 51.606 بليون فى 2015، ودائماً ما تشهد العلاقة بين التجار والصناع خلافاً حاداً بسبب القرارات والتشريعات الحكومية، حيث يرغب كل طرف أن تصدر تلك القرارات لصالحه، ولذلك شن عدد من أعضاء اتحاد المستثمرين هجوماً على الغرف التجارية بسبب اعتراض رجال الأعمال الأتراك على سياسات الدولة للحد من الاستيراد.
وقال معتصم راشد، المستشار الاقتصادى للاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن اتحاد الغرف التجارية المصرى استعان بنظيره التركى ليتحدث باسمه عن مطالبهم بإلغاء إجراءات الحد من الاستيراد، مضيفا :أمر يدعو للعجب أن يستعين اتحاد الغرف التجارية بتركيا، والتى تثبت سياستها محاولتها تخريب الدولة بطلب تخفيف إجراءات الاستيراد، وذلك لإحداث أزمة مرة أخرى فى توفير الدولار.
وأشار معتصم راشد، إلى أنه يجب على الدولة مراجعة اتفاقية الرورو، والتى وقعت مع تركيا خلال فترة تولى جماعة الإخوان المسلمين الحكم عام 2012، لأنها تصب فى صالح أنقرة لثلاثة أسباب، أولها أن الاتفاقية تنص على نقل البضائع عبر خط ملاحى من تركيا إلى أحد موانئ البحر المتوسط ثم نقلها بريا إلى أحد موانئ البحر الأحمر، ومن ثم تصديرها إلى الدول المجاورة، وهو ما يضيع رسوم مرور تلك السفن عبر قناة السويس، وثانيا تبلغ تكلفة رسوم الشحن وفقا للاتفاقية نحو 5100 دولار تذهب أغلبها لصالح الشركات التركية ولا تحصل مصر إلا على 400 دولار فقط منها.
وتابع :أما السبب الثالث وهو الأخطر، هو نقل البضائع برياً من أحد موانئ البحر المتوسط إلى البحر الأحمر عبر الطرق الداخلية بمصر يعرضها لإمكانية تهريب البضائع، والتهرب من الرسوم الجمركية.
ومن جانبه، أكد مصدر مسئول باتحاد الغرف التجارية، أن زيارة الوفد التركى تهدف لإعادة الاستثمارات التركية لمصر، وهى استثمارات سعينا لجذبها على مدار عقدين، والتى تجاوزت عدة مليارات من الدولارات فى كافة المجالات، والتى توقف بعضها فى 2011، وليس صحيحاً أننا نهدف إلى تعديل إجراءات الاستيراد.