اجرى احد العلماء تجربة طريفة مستفيدا من نظرية بافلوف المسماة التعلم الشرطي، وكانت تجربة بافلوف الشهيرة قد اجريت على كلب لاسالة لعابه كلما سمع رنين الجرس لأن الرنين اقترن بالطعام .
لكن تجربة هذا العالِم هي من صميم السياسة والاقتصاد والشجون البشرية، فقد احضر انسانا جائعا لمدة يومين، وسرد له قائمة من اسماء الطعام لا يعرفها ولم يسمع بها، فلم يحرك ساكنا، لكنه ما ان ذكر له اسماء اطعمة شعبية يعرفها هذا الجائع ويحفظها عن ظهر معدة وليس عن ظهر قلب حتى سال لعابه .
ولو شئنا الاقتراب اكثر من الواقع وتخيلنا عالما عربيا يجري هذه التجربة على جائع عربي من الفقراء، ثم ذكر له اسم الاومليت بدلا عن العجة والشاتوبريان بدلا من الملفوف او المفتول والفيليه بدلا من صينية البامياء فان لعاب هذا الجائع لن يتحرك من مكانه، فهو لا يعرف ما اذا كانت هذه الاسماء لأنواع من الشامبو او السيارات اوالمشروبات الغازية .
لكنه اذا ذكر له قائمة اخرى من اسماء الطعام بدءا من الفلافل والفول وليس انتهاء بالحمص والخبيزة فإن لعابه حتما سيسيل، فما هي علاقة هذه التجربة بالسياسة والاقتصاد ؟
العلاقة هي باختصار ان ما تتداوله الفضائيات من مصطلحات من طراز الليبرالية الجديدة وفائض القيمة وتعويم العملات والانيميا وكل ما له صلة بالفقر والجوع والاغتراب في الوطن اشبه بقائمة الطعام التي تتضمن الشاتوبريان والبوفتيك والستيك والفيليه واخيرا الاومليت، فهي لا تحرك ساكنا، وقد يتساءل عن معاني الكلمات التي يسمعها ثم لا يسمع اجابة لأن الفضاء العربي حجب القمر والنجوم لصالح شاشات وظيفتها مقاومة جاذبية الواقع لا الارض، ومهمتها تعويم المفاهيم لا العملات، وبالتالي بث ثقافة صوتية بلا جذور !
فهل يبادرعلماؤنا والمشتغلون في علمي النفس والاجتماع الى اجراء تجارب توصلهم الى الكشف عن السبب لابطال كل هذا العجب ؟؟