نون والقلم

الغطرسة والكرامة

أسبوع واحد مر على دونالد ترامب في البيت الأبيض، وبنظرة سريعة على أحداث الأسبوع نستطيع أن نكوّن لأنفسنا صورة عن الرئيس الجديد، فنحن هنا مجرد مراقبين، رأينا يخصّنا ولا علاقة له بأصحاب السياسة وواضعي الاستراتيجيات، نحن لا نقيّم ترامب فهو رئيس الدولة العظمى، ولا ننتقده ليصلح الأمور التي قد تحدث فوضى لا يمكن تنظيفها لاحقاً، أين نحن منه ومن دائرته المقرّبة؟ إنهم فطاحل في الفكر والبحث والدراسة، هكذا يفترض، ومن هو مثلنا يفترض أن يكون حريصاً على عدم الخوض في أعماق القضايا المثارة حتى لا يغرق في ما لا يعرف.

سنتحدث عن الذي نعرف، وأول الإشكالات التي بدأ بها الأسبوع الافتتاحي للرئاسة، كان قضية السور الفاصل للحدود الأميركية المكسيكية، فترامب هو الذي طرح فكرة السور لوقف تدفّق المهاجرين غير الشرعيين، حماية للمجتمع الأميركي كما قال، وحرصاً على الشباب من العصابات ومروّجي المخدرات.

وإلى آخر التبريرات التي ساقها، ولكنه ومنذ الحملة الانتخابية كرر المرة تلو الأخرى أن المكسيك يجب أن تدفع كلفة السور، وبلا شك أن مثل هذا الشرط نابع من التركيبة السلوكية للدولة الأقوى التي تفرض إراداتها، فالمنطق يقول غير ذلك، ما دامت الفكرة ترامبية، والرغبة أميركية، والأهداف داخلية بحتة لبلاده، ولا فائدة للمكسيك من السور وتوابعه، بل على العكس هو مضر بالنسبة لها ولمواطنيها، ولكنها الغطرسة، فالمكسيك تعتمد كثيراً على الولايات المتحدة في اقتصادها، وليّ ذراعها في موضوع السور أهون من أي إجراءات أخرى قد تتخذ لو غضب الرئيس الجديد، حتى تمادى ترامب في كلمته الأخيرة قبل بضعة أيام، عندما ربط زيارة الرئيس المكسيكي للقائه بالموافقة على تمويل السور، وإلا فإنه سينظر في إلغاء الزيارة.

رئيس المكسيك ليس فرداً عادياً، ولا يمثل نفسه، بل هو رمز لبلاده، انتخب رئيساً ليمثل شعبه، احترامه وتقديره من احترام وتقدير وطنه، وإهانته تعني الاعتداء على الكرامة الوطنية، هكذا نظر الرئيس المكسيكي إلى كلمات ترامب، ولم يتردد لحظة واحدة في إعلان إلغاء زيارته الولايات المتحدة.

كان ذلك الدرس الأول لنا نحن المتابعين وليس لترامب، حتى نعرف أن هناك اعتبارات وطنية تواجه القوة و الغطرسة .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى