نون والقلم

إعادة الأمل لقِيَم العمل

فِي غُرفتي وبجوَار سَرير نَومي، كَتبتُ هَذا البَيت :

ومَا الحَيَاةُ بأَنفَاسٍ نُردِّدهَا

إنَّ الحَيَاةَ حَيَاةُ العِلمِ والعَملِ !

نَعم، كَتبتُها حَتَّى تَكون حَاضِرَة أَمَام قَلبي وبَصري، عِندَما أَستَيقظُ كُلّ صَبَاحٍ، وأُكرِّرها مَطلع كُلّ شَمسٍ، والتِّكرَار – لَو تَعلمون – لَه مَفعول أَقوَى وأَبقَى مِن مَفعول السِّحر، ولِقَد صَدق شَيخنا « نابليون» حِين قَال : (لَيسَ هُنَاك إلَّا صورَة وَاحِدَة مِن صور البَلَاغَة، وهي صورة التِّكرَار )..!

لقَد قَرأتُ أكثَر مِن 100 كِتَاب؛ تَتحدَّث كُلُّهَا عَن السَّعَادَة وعَن التَّوازن النَّفسي، فوَجدتُ مُعظم هَذه الكُتب تَربط السَّعَادة والسّرور، والتَّوَازن النَّفسي والاستقرَار العَقلي؛ بالعَمل وإنجَازه، والمُواظبة عَليه ..!

أكثَر مِن ذَلك، مَن يَتدبّر القُرآن – وهو دستُورنا العَظيم – سيَجد أَنَّ التَّركيز دَائِماً يَنصبُّ عَلَى العَمل، لَيس العَمل فَقط، بَل العَمَل الحَسَن، ولَيس أَدلُّ عَلى ذَلك مِن قَول الرَّب – جَلَّ وعَزّ -: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ )..!

العمل هو الحَيَاة، ومَا دُمنَا نَعمل فِي هَذه الدُّنيَا، فنَحنُ نَتعلَّم كُلّ يَومٍ، فالحَيَاة سِلسلة طَويلة مِن الدّروس، ولَا تَبوح بأَسرَارِهَا – كَمَا يُقال – جُملةً وَاحِدَة، وإنَّما تُقطِّر تَقطيراً ..!

مَن يُجرِّب رَبط الحَيَاة بالعَمل، سيُدرك حَلَاوة الدُّنيا ومَذَاق عَسلها، ولَا غَرَابَة فِي ذَلك، فقَد قَال الفَيلسوف « هنري فردريك »: (الحَيَاة هي العَمَل، وهي الإنجَاز المُتوَاصِل، والانتِصَار المُستَمر، وهي الإنتَاج الذي يُبهر النَّظَر )..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟ !

بَقي أَن أَقول : لَيتنَا نُربِّي أَطفَالنا عَلى قِيَم العَمل وأَهميَّته، لَيس مِن أَجل المَال فَقط، بَل مِن أَجل التَّوازُن النَّفسي، والإحسَاس بقِيمتنَا فِي هَذه الدُّنيَا .. لَيتنَا نُرضع الأطفَال مَع حَليب أُمَّهاتهم :

بَشَّار يَا بَشَّار هَيَا إلَى العَمَلِ

اجْمَع شَذَى الأزهَار مِن رَوضة الأَمَلِ !!

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى