-1-
لحن الرجوع الأخير! الهروب من الواقع لواقع أكثر سوءًا، نوع من الانتحار، حينما تحاصرنا الغيوم السوداء، والمعازف التي تذكرنا بلحن الرجوع الأخير، في احتفالية أشبه ما تكون بمأتم، ننأى بأنفسنا إلى حلم مؤجل، قد يطول، ولكنه ملاذ مشتهى، لا تصنعه الأمنيات، بل التضحيات والصبر على المظالم، ورعاية بذرة التمرد، التي لا تمتثل للقهر والجبروت!
-2-
أعداء الفرح، يتذرعون بأي ذريعة ليس لكي لا يفرحوا فقط، بل لكي ينحوا باللائمة على من يبحث عنه، الفرح، وصناعته، أمضى الأسلحة في مقاومة أعداء الحياة، بأشكالهم وألوانهم، وأنواعهم كافة!
التآمر لم يكن على أوطاننا ومقدساتنا وكرامتنا فقط، لا.. ثمة تآمر وتواطؤ على ابتسامتنا، ثمة من يجتهد لسرقة البسمة من شفاهنا، والبهجة من قلوبنا، المقاومة تبدأ من تحرير شفاهنا! وقدرتنا على صناعة الفرح.. رغم كل ما يُراد لنا!
-3-
تعلموا من القلب! البرد يزداد، وحرارة الطقس تنزل إلى ما دون الصفر، لكن القلب لم يزل ينبض بالدفء! ليت بقية عضلاتنا الإرادية تعمل كهذه العضلة اللاإرادية العظيمة!
-4-
دفء الكلمات يبعث في الأطراف الباردة كالثلج حرارة تسري بلذة، فتحيل البرد القارص إلى أجواء مفعمة بالعرق، واحمرار الخدين! وسط أجواء لا تحمل لنا سوى الموت والقتل والملاحقات والربيع الذابل، نلوذ بدفء الكلمات تحديا للموات، والقهر، وكل أسباب التغييب ..
-5-
« إحياء » الميتين، أو على الأصح إحياء «ذكراهم»، هي محاولة لإعادة تمثيل مشهد موتهم، هذا لا يريح لا الأحياء ولا الأموات، الدعاء للراحلين ليس ضروريًا أن يكون عبر الفيسبوك أو التويتر أو الواتس أب، فالأدعية تصل إلى السماء مباشرة، بلا واسطة، وبلا وسائل تواصل اجتماعي وبلا هواتف ذكية!
-6-
البعض يصنع من ليلى المقيمة في ديارمجهولة، وطنًا وحبيبة ومنفى، ويعيش مع ذلك الغزال الذي يستوطن ترويدة، ولم يزل ينتظر ويحلم، يحلم بإخلاص كأي عذراء تنتظر فارسها القادم على حصان أبيض، غير موجود إلا في كتب الحكايات، وفي الأثناء ينسى أن يعيش حياته!
-7-
ثمة تطبيق على الأجهزة الخلوية الحديثة يرصد حركة الطائرات في سماء الكرة الأرضية، في وقت ما، رصدت وجود 3844 طائرة تمخر عباب السحاب، تحمل ملايين المسافرين، المتلهفين للوصول إلى محطاتهم، يحملون مشاريع وأحلامًا، وصفقات، ومؤامرات بالتأكيد، وكما بدا لي كانت غالبية «الحركة» تبدو فوق بحرنا، الأبيض المتوسط، ولكن باتجاه الشمال، أما في الجنوب، فكانت الحركة ضئيلة جدًا، فثمة عالم مشغول بصناعة الحياة، وعالم آخر بتدمير الحياة، بالخمول والنق، والقيل والقال، والتمطي في أزقة التاريخ، والتسكع على هوامش الأشياء!