ذلك الشاب الذي تمادى في تسجيلاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجد نفسه فجأة أمام المساءلة القانونية، منذ عامين أو أكثر وهو يفعل ما يحلو له، بدأ بحياء في تقديم نفسه، يصور أفلاماً قصيرة فيها كلام غير مفهوم، فسخر منه بعضهم، وشجعه آخرون من باب السخرية أيضاً، وتناقل الشباب أفلامه وتسجيلاته، فظن «المسكين» أنه أصبح مهماً في عالم التواصل، وتحول إلى شاعر، وانتقل إلى مرحلة نزع الحياء والتردد والخوف حتى فجر.
ومثل ذلك الشاب آخرون كانوا ضحايا الصمت تجاه ما يفعلون على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضهم سقط، كما حدث للشاعر الوهمي، وآخرون مازالوا يفسدون الذوق العام، ويخدشون الحياء، ويشيعون الفاحشة، ولا ينبههم أحد، يتركون حتى يغرقوا في شر أعمالهم، ليست هناك جهة حماية للمجتمع من أمثال هؤلاء، جهة تقوِّم المنحرفين قبل أن تعاقبهم. الصمت في أغلب الأحيان يعد قبولاً.
وما ينطبق على الأفراد ينطبق على المؤسسات، خاصة التعليمية منها؛ فالمدرسة التي تستضيف فناناً ويسكت عنها تعتقد أنها على صواب، وقد تصل في لحظة غفلة أو اندفاع أو طلب شهرة إلى استضافة من يسيئون إلى سمعتها وسمعة التعليم، هؤلاء جميعاً يظنون أن السكوت عنهم يعني قبولاً بما يفعلون، على الرغم من أن هناك جهات يفترض أنها تراقب أعمال هذه المؤسسات، وقد منحها القانون سلطات واسعة للتقويم، ولكنها تغيب حتى يحدث ما يثير الناس، ثم تتدخل لتعاقب!
حتى في الجانب الفكري والسياسي هناك صمت تجاه ما يحدث على مواقع التواصل، وتزدحم الحسابات بإساءات وادعاءات وتلميحات تسبب إرباكاً للموقف الرسمي في أحيان كثيرة، لأنها قد تحسب عليه، خاصة إذا كان بعض هؤلاء المتفلسفين من الذين يضفون هالة من الأهمية على أنفسهم، ويتركون ليخوضوا في كل شيء، ويخلطوا هذا لذاك، حتى يقعوا في حفرة لم يقدروا عمقها كما يقولون!
من يشط بأفلامه وتسجيلاته ينبه ويقوم.
ومن ينحرف عن هدف مؤسسته أو مركزه يصحح له الطريق. ومن يخوض في شأن عام يجب أن يكون عارفاً ومطلعاً على هذا الشأن، أو يحذر من مغبة مسلكه.
وبعد كل ذلك، إذا فشل التقويم والتصحيح والتحذير ينفذ القانون حماية للمجتمع.