الأعمال والممارسات الإرهابيَّة لم تكن حادثة عَصريَّة، ولا وليدة السَّاعة، بل لم تزل تعاني منها (أمَّة الإسلام) عبر تاريخها، منذ اُبْتليت بتلك الطائفة الخَارِجَة على أئمة المسلمين وجماعتهم، وعلى مُحْكَمَات الإسلام، ومنهجه الوسطي المعتدل، والتي سُمِّيت بـ(الخَوارج ) .
هذا ما أكَّده (الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان عضو مجلس إدارة هيئة حقوق الإنسان السعوديَّة) في بحثه الذي جاء تحت عنوان: (الإرهاب وعلاقته بمنهج الخوارج، وعقوبته في الشريعة الإسلاميَّة ) .
وفيه بَيَّن حقيقة الإرهاب وارتباطه بـ (الخَوَارج) الذين يرى أنَّ وجودهم لا يقتصر على أولئك الذين ظهروا بأفكارهم المتطرِّفة وجرائمهم زمَن الصحابة والتابعين، فهناك – بحسب الدكتور الفوزان- صفات مشتركة ومتطابقة تجمع أولئك بإِرْهَابيي العصر الحديث.
ومنها: (الجهل بأحكام الشريعة، والتأويل الفاسد لنصوصها، واستحلال الدماء المعصومة، والخروج على جماعة المسلمين، والعصيان وتكوين العِصابات المسلَّحة) .
مشيرًا أنَّ اعتناق تلك الأفكار المتطرِّفة، والأفعال الشاذَّة سببه – سَابقًا ولاحِقًا- (الجهل بحقيقة الدِّين الإسلاميِّ، والغلو فيه بعيدًا عن وسطيَّته وتسامحه وعدالته، وكذا إتباع المتشَابه، وبالتالي المسارعة في تكفير المسلمين).
وبعد إثبات (الدكتور الفوزان) أنَّ إِرهابيي اليوم هم خوارج الأمس، عرض لِمُسَلَّمَةِ محاربة الإسلام لهم جميعًا باعتبارهم بُغَاة، وينطبق عليهم حَدُّ الحِرَابَة.
بحث الدكتور عبد العزيز الفوزان: (الإرهاب وعلاقته بمنهج الخوارج وعقوبته في الشريعة الإسلاميَّة) مُحْكم ومؤصلٌ تاريخيًّا وعلميًّا، ولذا أرى أهميَّة الإفادة منه في حربنا الفكريَّة المفتوحة ضد الإرهاب والجماعات التي تَرْفع لواءه، وبشبهاتها تستدرجُ وتستقطب شَبابَنَا.
ذلك البحث مهمٌّ؛ لأنَّ استحضار ماضي الإرهاب والتطرُّف وجذورهما التاريخيَّة، سيسهم في مكافحتهما في الحاضر، فإطفاء الجَمْر المدفون تحت الأرض، يقضي دائمًا على اشتعال النَّار خَارجها، ويُزهِق رُوْحَهَا؛ فهلاَّ فعْلنا؛ مستثمرين أدوات ووسائل عَصْرنا؟