لأول مرة أتعاطف مع باراك أوباما، وأتفاعل مع خطاب له، إنه خطاب الوداع، الذي بث فجر الأربعاء الماضي بتوقيتنا المحلي، كان مؤثراً ومشحوناً بالعواطف، دموع وأحضان وقبلات، وكأنه عزاء أو تأبين، وليس الخطاب الأخير لرئيس قضى ثمانية أعوام في البيت الأبيض.
بكت ميشيل، كلمات الحب والإشادة، التي قالها باراك في حقها جعلتها ضعيفة فلم تتمالك نفسها، وبكت ساشا الابنة الشابة، عندما خصها الأب بكلام جميل، وحتى جون بايدن نائب الرئيس بكى متأثراً من العبارات، التي استخدمها الرئيس للإشادة به، وزوجته كانت معه، إنها تبكى لبكائه.
أما الجمهور فقد كان في قمة الحزن، لا أدري إن كان من الأقارب أو العاملين في البيت الأبيض والإدارة الرسمية للرئيس، أم كان ممثلاً لفئات ومجموعات من الشعب الأميركي، ولكن الواضح أن كل الذين تواجدوا في ذلك المكان، للاستماع إلى خطاب الوداع كانوا من الأحبة، من مؤيدي باراك أوباما، والخائفين من تقلبات الأيام.
أوباما نفسه كانت نبرته مختلفة هذه المرة، فيها حشرجة، وكأن العبرة تقف على طرف لسانه، تكاد أن تخفته، بعد أن منع تساقطها من عينيه، وهو الرئيس، لا يريد أن يبدو ضعيفاً أو يقال إنه يتباكى على العز الذي مضى.
حقبة أوباما ستدخل التاريخ بعد أسبوع، وآثارها ستبقى لفترة طويلة، وعندما عدد إنجازاته لم أجد فيها ما يوازي ثماني سنوات على قمة هرم الدولة الأكبر والأقوى والأغنى في العالم، كما قال في خطابه، وقد كان أهمها على الإطلاق «أوباما كير» للرعاية الصحية، والذي تفاخر بأنه وفر العلاج لنحو 20 مليون مواطن.
وهو المشروع نفسه، الذي بدأ ترامب إجراءات إلغائه عبر الكونجرس، وإن كان هناك شيء يحسب له، فهو الخروج من الكساد، بعد الأزمة المالية العالمية والنمو البسيط في الاقتصاد، ومع ذلك يصر أوباما على أنه أحدث تغييراً.
فهو لا يزال يتذكر شعار حملته الانتخابية في 2008، ولهذا قلت في البداية إنني لأول مرة أتعاطف معه، لأنه كان خلال سنوات حكمه أو رئاسته متردداً حتى أضعف مؤسسة الرئاسة، وخيب آمال الكثيرين من الذين عقدوا آمالهم على أول رئيس لا يكون من النخبة البيضاء، وتجاوز وعوده الانتخابية أو تغافل عنها، وزاد من اشتعال النيران في مناطق عدة، خاصة منطقتنا، ولولا دموع البنت والزوجة ما تعاطفت معه.