نون والقلم

زيارة الانطلاق من السعودية فماذا عن سوريا؟

توسعت المواقف السياسية على اختلافها منذ الاعلان عن زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المملكة العربية السعودية مستهلا زياراته الخارجية وجولته على دول المنطقة في الكلام، وعن حق، عن اهمية الزيارة للمملكة واعادة وصل ما انقطع مع الدول الخليجية على نحو يعبر عن مدى الضيق الذي اعترى لبنان نتيجة التشنج الذي ساد بين لبنان وهذه الدول في الاعوام الاخيرة.

هذا الترحيب شبه العامر بالزيارة الرئاسية يخفي في طياته اسئلة يطرحها البعض في الصالونات الضيقة عما اذا كان المعيار نفسه سينسحب على سوريا ايضا في ظل ضغوط سياسية قد يعتمدها البعض من اجل ان يسري الحياد اللبناني على كل الدول العربية فيتعاطى معها على قدم المساواة بصرف النظر عن مشاكلها الداخلية.

فاذا كان منطق مدى اهمية العلاقات مع السعودية والدول الخليجية يحتم التعامل بموضوعية ووضع خلافات او مواقف بعض الافرقاء من هذه الدول جانبا فماذا عن الموقف من سوريا وحتمية زيارتها على القاعدة نفسها اي وجود افرقاء اساسيين معارضين لمساهمة لبنان في تعويم الرئيس بشار الاسد سياسيا او للعلاقات مع نظامه من دون ان يعني ذلك فرض هذا الموقف على رئيس الجمهورية الذي وفي ظل تحلله من موقف حليفه الاستراتيجي «حزب الله» من المملكة ودول الخليج قد يتجه الى اعتماد الاسلوب نفسه مع حلفائه الاكثر حداثة ، وكما هو معلوم فان الرئيس عون لم يقطع مع النظام خلال الاعوام الماضية وهناك زيارة مهمة حصلت لتهنئته بالرئاسة من موفد النظام كما هناك من يتحدث عن انفتاح وتواصل دائمين قائمين عبر موفدين بين الرئيس عون والرئيس السوري وان هذه الاتصالات تحصل بوتيرة منتظمة.

ثمة محاذير راهنا لانفتاح علني قد يكون مبكرا على رئيس النظام السوري خصوصا اذا لم يكن ذلك موضوع اجماع. بعض السياسيين لا يستبعد زيارة رئيس الجمهورية لسوريا لكن ليس في المدى القريب علما ان لهذه المسألة ابعادا متعددة.

فثمة من يرى ان استبعاد اعادة تطبيع العلاقات سريعا ليس مرتبطا باعتبارات محلية مقدار ما قد يتصل باعتبارات خارجية بمعنى اذا كان الانفتاح على رئيس النظام سيكون بمفاعيل سلبية اولا ازاء الدول العربية او الخليجية تحديدا التى تقف موقفا معروفا من الاسد ولا ترغب في ان يكون لبنان وفقا للدلالات التي اعطاها حتى الان من ضمن محور اقليمي معين فيكون منفتحا او معيدا لانتظام العلاقات مع النظام كما هي حال روسيا وايران والعراق في الوقت الذي يقول لبنان بالتزام مواقف الجامعة العربية التي ليست منفتحة على رئيس النظام في سوريا وان كان بعض الدول منفتحا عليه على تنسيق استخباراتي.

وهذا امر ليس لبنان بعيدا منه ايضا ثم ازاء الدول الغربية التي تراقب انطلاقة الحكم في لبنان والتوازنات التي سيرسيها ولا تريد ان ينزلق الى سياسة محورية قد تؤثر سلبا عليه .

ثمة من يقول ان هناك تعهدات قطعها الرئيس عون من ضمن التسوية الرئاسية بناء على ما كان اعلنه الرئيس سعد الحريري لدى اعلانه دعم ترشيح العماد عون للرئاسة بحديثه عن اتفاق بينهما على تحييد لبنان بالكامل عن الازمة السورية.

ويضيف هؤلاء وهم من المحبذين او غير الرافضين لاعادة الاعتبار للعلاقات مع النظام السوري ان انفتاح بعض الدول على هذا الاخير خصوصا في حال جلس مع المعارضة الى طاولة واحدة من اجل مفاوضات سياسية سيساعد الى حد بعيد علما ان الضغوط الداخلية السياسية قد تتكفل بالامر بعد زوال مرحلة الوئام او شهر العسل السياسي بين مختلف الافرقاء او في حال استطاع محور معين ان يفرض سيطرته على مجلس النواب في الانتخابات النيابية في حال اجريت في الربيع المقبل.

من هؤلاء من يقول ان موقع لبنان سيكون قيما اذا استطاع صياغة موقف مفيد يوظفه لمصلحته . فعلى حد قول سياسي مخضرم فان النظام السوري جعل برئاسة الاسد الاب ثم برئاسة الاسد الابن لبنان ابان الحرب مكبا لسلبياته فيما جعل من دمشق صالة الاستقبال الذي يفاوض من خلالها على اوراق يملكها عبر لبنان لتعزيز وضعه في السلطة وفي المنطقة.

لكن الادوار قد انقلبت اليوم مع تحول سوريا ساحة حرب اعلنت اكثر من دولة انها تحارب الارهابيين والاصوليين في سوريا درءا لامنها واستقرارها حيث هي في حين يمكن ان يلعب لبنان الدور الذي حرم من لعبه خلال عامين ونصف من التعطيل القسري لمؤسساته الدستورية وهو دور سياسي بارز اذا احسن مسؤولوه دوزنة المواقف السياسية وتوازناتها ولم يعطلوا دورا يمكن ان يلعبه او يستعيده لبنان على هذا الصعيد علما ان هذا الامر ممكن انطلاقا من ان النظام السوري لم يعد كما كان في السابق ولن يعود ما دام سيستمر معتمدا على دعم قوى من بينها قوى لبنانية لبقائه في السلطة واستمراره حتى اشعار اخر .

وبناء عليه يعتقد ان زيارة السعودية على اهمية مبرراتها وضرورتها قد تشكل بوابة مهمة لتسهيل او لتبرير اعادة الانفتاح على النظام السوري علما ان معارضي هذه الخطوة راهنا لاعتبارات عدة لا يستبعدون ان يصار الى الضغط من اجل حصولها ليس سياسيا فحسب بل امنيا ايضا عبر ذرائع او حوادث امنية تفترض او تفرض اتصالات ثنائية مباشرة وعلنية على غير ما هو الوضع راهنا بحيث تساهم في تعويم النظام السوري واعادة الحيثية الخارجية له انطلاقا من بوابة لبنان.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى