إنتشرت قبل أيام في مواقع التواصل الإجتماعي صورة لطفل من أطفال مسلميّ بورما يظهر هذا الطفل ملقى فيها على وجهه على الوحل وهو ميت برصاص طواغيت ميانمار « بورما » أثناء محاولة هروبه مع عائلته إلى دولة بنغلاديش وكانت النتيجة أن يُقتل هو وعائلته إلا أبيه الذي نجا ليحكي قصته, وقد تناولت العديد من وكالات الأنباء قضيته .
السؤال هنا : [bctt tweet=”بماذا يختلف هذا الطفل المسلم البورمي عن الطفل عيلان أو آيلان السوري ؟” via=”no”] لماذا لم يضج ضجيج مدعي حماية الإسلام « عموماً »عن هذا الطفل وغيره وعن كل المسلمين الذين يتعرضون للقتل والتعذيب على يد حكامهم ؟ .
الجواب واضح كما أتصورعند الجميع وهو : سبب تغاضي هؤلاء المدعين « مدعين حماية الإسلام والمسلمين » وخصوصاً الحكام العرب والمسلمين هو إنه لا توجد أي مصلحة لهم مع هؤلاء المسلمين الذين يقتلون في بورما كما في سوريا, والكلام هنا يخص جميع الحكام من كل الطوائف والمذاهب, فلا فائدة ولا مصلحة شخصية ومنفعة دنيوية يمكن أن يحصلوا عليها من أجل الحماية والدفاع عن هؤلاء المسلمين المضطهدين على يد جلاديهم, لكن التدخل في سوريا والعراق واليمن وبعض البلدان الأخرى جاء نتيجة لمصلحة تخص مكانتهم ومصالحهم ومنافعهم الدنيوية ولم يكن شعار الدفاع عن الدين والإسلام والمسلمين إلا واجهة يغطون بها على سبب تدخلهم الحقيقي في شأن بعض الدول ولا يوجد دافع إسمه ” حماية المسلمين والإسلام والدفاع عنه » .
وكذا الحال بالنسبة للدول الغربية والشرقية غير المسلمة التي تدعي حماية الإنسان وحقوقه فهي تتعامل مع مصالحها فقط وفقط .
نحن هنا لا ندعوا إلى حرب وقتال وسفك دماء بل نريد على أقل تقدير أن يكون هناك موقف عربي وإسلامي ودولي يلزم الحكومة البورمية بوقف هكذا ممارسات بحق المسلمين وإلا يكون هناك تدخل كما يحصل الآن في سوريا والعراق, فما تمارسه هذه الحكومة بحق مسلميّ بورما لا يختلف تماماً عما تفعله عصابات داعش بحق المسلمين والعرب وباقي الديانات, فمن المفترض كما إنتفض الجميع من حكام عرب ومسلمين وغيرهم من الدول الغربية ضد عصابات داعش أن يتخذوا موقفاً أممياً مع حكومة بورما خصوصاً وإنها حكومة رسمية وخاضعة لقوانين وضوابط الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيكون ردع حكومة بورما أقل مئونة ولا يكلف جيوش وأسلحة بل كل ما يكلفهم هو قرار دولي يوقف تلك الممارسات وفي حال عدم إلتزام الجانب البورمي بكهذا قرارات تفرض عليها عقوبات اقتصادية أو غريها بحيث تجبرها على احترام المسلمين هناك.
لكن وكما يقول المرجع العراقي الصرخي في المحاضرة الثالثة من بحث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول « صلى الله عليه وآله وسلم ») التي بين فيها أكذوبة بعض الأنظمة التي تدعي حماية الإسلام أو المذهب أو الطائفة أو العروبة, حيث قال ((…الآن السنة الذين هربوا إلى خارج العراق والشيعة الذين هربوا إلى خارج العراق أين ذهبوا؟ في زمن صدام هل البلدان العربية استقبلت العرب من السنة والشيعة؟ هل البلدان غير العربية استقبلت السنة والشيعة بعنوان المسلمين؟ هل البلدان الشيعية غير العربية استقبلت الشيعة؟ لكن من وقف للعراقيين؟ لم يُستقبل العراقيون لا هنا ولا هناك!!! هل البلدان استقبلت السنة والشيعة بعنوان المسلمين وتعاملت تعامل إنساني، تعامل الأحرار، تعامل بكرامة، تعامل دون الاستغلال، أم هرب الناس من هنا وهرب من هناك، أو لم يُستقبل أصلًا العراقيون لا هنا ولا هناك، وأيضًا الآن نرى هذا الأمر، أين ذهب الناس؟ أين ذهب الشيعة وأين ذهب السنة؟ إلى أين هاجر الشيعة وإلى أين هاجر السنة؟ المليشيات السنية والشيعية، قوى التكفير السنية والشيعية، الدول السنية والشيعية كلٌّ يدّعي أنّه يحمي المذهب لكن من وقف للعراقيين؟؟ هل سمح أحد للعراقيين بأن يمكثوا في صحراء من صحارى البلدان العربية أو غير العربية؟ من سمح لهم بأن يفعلوا هذا؟ أين ذهبوا؟ ذهبوا إلى بلاد الغرب، ذهبوا إلى بلاد الكفر لكن وجدوا الأمان هناك، ومع هذا يُقال نحن حماة المذهب وحماة الطائفة وحماة الدين وحماة القومية وحماة العروبة وحماة الإسلام وحماة الأخلاق!..)).
فإن كانت المنظمات العالمية الكبيرة غير ملتفتة لتلك الجرائم بحق مسلميّ بورما فأين ذهبت المنظمات الإسلامية والعربية والخليجية ؟ وأين الجامعة العربية ؟ لماذا يُشكل تحالف إسلامي كبير من أجل مسلميّ سوريا ولا يُشكل من أجل بورما كورقة تهديد مثلاً ؟ لماذا لا تقوم تلك المنظمات بالضغط على الأمم المتحدة نحو إتخاذ ما يلزم إزاء بورما ومأساة المسلمين فيها ؟ فصمتهم وسكوتهم قد أسقط قناع الإدعاء بحماية الإسلام والإنسانية لتظهر حقيقة الدفاع وحماية المصالح الشخصية لهذا الحاكم أو ذاك فقط وفقط.