لو كان صحيحاً ما يشاع في العديد من الأوساط الطائفية إن سنة العراق هم حواضن إرهابية وهم من أدخلوا تنظيم داعش للعراق, فهل ياترى سيتقهقر هذا التنظيم بهذه الصورة التي نشاهدها الآن ؟ وبدأ يخسر المناطق التي هيمن وسيطر عليها بالتدريج حتى بات الآن منجحراً في آخر بقعة هيمن عليها, فواقع الحال يشير إلى إن هذا الإنكسار الذي لحق بتنظيم داعش الإرهابي كان له أسباب وعوامل وأبرزها وأهمها
العامل الأول : سوء التعامل مع الناس وبالخصوص مع أهل السنة, فعلى الرغم من التقارب العقائدي الظاهري وإدعاء تنظيم داعش الإرهابي إنه يسير على السنة ومدافعاً عن أبناء هذا المذهب لكنه خالف ذلك الإدعاء من خلال التعامل مع الناس في تلك المناطق فأخذ يقتل ويجرم بحق أهل السنة بل إستخدمهم كأداة في حربه حيث استخدمهم دروع بشرية وتحصين نفسه بهم, فكان يحتمي بهم ولا يحميهم وهذا أبسط أمر قام به بغض النظر عن التفاصيل المأساوية التي يرويها لنا العديد ممن تخلص من قبضة هذا التنظيم الإرهابي, حتى بات أهل السنة يفضلون العيش في الصحاري القفار تحت أشعة الشمس اللاهبة والبرد القارس والجوع والحرمان على أن يكونوا تحت رحمة هذا التنظيم التكفيري المجرم.
العامل الثاني : التحرر الفكري والعقائدي والشعور بالمسؤولية الوطنية عند أهل السنة جعلت منهم ينفرون هذا التنظيم الإرهابي ولم يتقبلوه ولم يستقبلوه بالورد – كما يعبرون – بل شكلوا الفصائل والمجاميع المسلحة ليقفوا لجانب القوات الأمنية في حرب التحرير وشكلوا جزءاً من المنظومة الدفاعية لطرد هذا التنظيم, وبهذا كسروا كل ما يشاع وما يقال عنهم بأنهم حواضن للإرهاب بل كانوا شوكة في عين الإرهاب.
وهذا ما أكد عليه المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني في المحاضرة الثالثة عشرة من بحث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال ..
{{…ماذا جنيتم من أسلوبكم الوحشي الإرهابي العنيف فقد بدأتم بشرذمة من المغرر بهم تمرّسوا على القتال وابتكار أساليب التعذيب والقتل والإرهاب وتمكنتم من التسلط على المساحات الشاسعة من البلدان والأعداد الكبيرة من الناس حتى صدقتم أن الأمور ستبقى لكم فرفعتم شعار (باقية وتتمدد) حتى خابَ سعيُكم فانفَرَطَت دولتُكم وسلطتكم فصار واقع دولتكم وشعارها [زائلة وتتشرذم]، وبدأتم بشِرذِمة وأعداد قليلة وملكتُم البلدان والعباد لكنكم عجزتم عن كسب الناس وتجنيدهم معكم فبقيتم على قلتكم ( بدأتم بقلة وبقيت على القلة بالرغم من إنكم أخذتم السلطة والحكم لكن مع هذا نفر الناس منكم لم يلتحق بكم الناس، ) وصرتم تستجدون المغرر بهم من باقي البلدان وبدأتم ولازلتم تختبئون بين الناس, لاحظ: هذه أيضًا تُسجل وكما قلنا سابقًا، تُسجل لأهل العراق، تُسجل لمحافظاتنا العزيزة في الغربية، في الرمادي، في الموصل، في صلاح الدين، في ديالى، في باقي المحافظات العراقية التي يقال عنها أنّها سنية. نعم، نفتخر بهؤلاء السنة أنّهم من شيعة علي سلام الله عليه، هؤلاء من جند علي سلام الله عليه، لقد أفلس المارقة ( الدواعش) من العراق والعراقيين ولم يجدوا من يتفاعل معهم، كما أفلس أئمتهم سابقًا في عصر الأمويين في عصر المروانيين، هذه المناطق هي من احتضنت أهل البيت، احتضنت شيعة أهل البيت، هؤلاء هم شيعة أهل البيت سلام الله عليهم، اختاروا أن يكونوا في مظلومية التهجير والغربة والذلة والفقر والبرد والحر والمرض وأقسى المعاناة، اختاروا هذا على أن لا يلتحقوا بكم، إذن إلى أيّ مستوى وإلى أيّ درجة من الوحشية وسوء الخلق أنتم فيه بحيث لم تؤثروا على ممن تعتقدون أنّه على مذهب يخالف مذهب أهل البيت سلام الله عليهم؟!! وكم تحقنون وتدفعون نحو الطائفية ومع هذا لم يلتحق بكم الناس…}}.
فما ذكرناه من كلام للمرجع العراقي الصرخي مع العاملين المهمين فهذين العاملين هي التي جعلت من هذا التنظيم الإرهابي المدعي للتسنن أن يفقد مواطن قوته فسوء تعامله مع الناس وإبتعاده عن الشعارات البراقة التي رفعها في الدفاع عن أهل السنة ولإعتماده على الفكر التكفيري التطرفي المتشدد جعلته ينهزم وينحسر, وبذلك كان أهل السنة لهم الدور البارز في قلب الموازين على هذا التنظيم الإرهابي ولهم الدور في تحقيق تلك الإنتصارات التي تُحرز على أرض المعركة.