قال تعالى في كتابه العزيز في سورة الأعراف الآية 167 { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }…
وقد أجمع المفسرون جميعاً على إن اليهود هم من سيسومِهم سوء العذاب ومَن يسومِهم ذلك العذاب والمراد به حسب التفاسير هو «الجزية» هم النبي محمد «صلى الله عليه وآله وسلم» وأمته إلى يوم القيامة, وهنا لنا وقفات مع هذه الآراء والتفاسير وهي ليست وقفات اعتراضية بقدر ما هي توضيحية يراد منها إفهام منكري قضية الإمام المهدي «عليه السلام» إنه هو [bctt tweet=”من سيأخذ الجزية من اليهود ويسومهم ذلك العذاب إلى يوم القيامة” via=”no”].
الوقفة الأولى: نعم كان النبي الخاتم محمد «صلى الله عليه وآله وسلم» يأخذ الجزية من اليهود, لكنه «صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله» قد توفي وكذلك من بعده الخلفاء ولم يعد من بعدهم من يأخذ الجزية من اليهود, فمَن من أمته الذي يأخذ الجزية الآن من اليهود ؟.
الوقفة الثانية: هل وضع اليهود الحالي يظهر بأنهم تحت وطأة العذاب الذي تأذن به الله سبحانه وتعالى ونبأ به نبيه الكريم؟ فهاهم الآن يحتلون بلداً عربياً مسلماً ويمارسون أبشع الجرائم بحق شعبه ويضاف لذلك تدخلاتهم الإستخباراتية في قلب الأمور في البلدان العربية والإسلامية, والأنكى من ذلك كله نجد إن أغلب بلدان العالم العربي والإسلامي قد فتحت السفارات والقنصليات اليهودية في بلدانه وتعمل جاهدة على التودد والتقرب زلفا من اليهود ودولة اليهود المزعومة, فهل هذا هو سوء العذاب؟ وهل هذه هي الطريقة التي يسوم بها امة محمد «صلى الله عليه وآله وسلم » اليهود؟.
الوقفة الثالثة: سؤال وإستفهام, مَن الذي سوف يسوم اليهود سوء العذاب؟ هل يعود النبي محمد «صلى الله عليه وآله وسلم» مرة أخرى إلى الحياة ويأخذ الجزية أو يسوم اليهود سوء العذاب؟ إن كان الأمر كذلك فهذا يعني إن كل من ينكر الرجعة عليه أن يعتقد بها ليقول بذلك القول وهذا الأمر يخص أتباع الفكر التيمي ممن ينكر الرجعة وإن قالوا لا, لا يرجع النبي, فمن يا ترى سوف يسوم اليهود سوء العذاب؟ هل هم العرب المسلمون؟ فكيف يكون ذلك وهم الآن وعلى سبيل المثال لا الحصر فرحون جدا ويتباركون – ظاهراً – بقرار وقف الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية؟ إذن لا بد من أن يكون هناك شخص وقائد ورمز عربي إسلامي يسوم اليهود سوء العذاب ويأخذ منهم الجزية.
الوقفة الرابعة: هل هذا الوعد الذي تأذن به الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم غير صادق ولا يتحقق؟ العياذ بالله من هكذا رأي وهكذا كلام, إذن لابد من أن يتحقق هذا الوعد وأن يبعث الله من يسوم اليهود سوء العذاب إلى يوم القيامة.
الوقفة الخامسة: توضيح شرعي عقلي يطرحه المرجع العراقي الصرخي لتفسير هذه الآية الكريمة يثبت من خلاله إن الآية تتحدث عن آخر الزمان, عن عصر ظهور المهدي الموعود والمسيح الموعود والدابة الموعودة مع وجود السفياني والدجال وإبليس وجندهم ومنهم الجن واليهود, حيث قال المرجع الصرخي في المحاضرة الثالثة عشرة من بحث (الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول “صلى الله عليه وآله وسلم)…
{{… أولًا: الجعل الإلهي في الآية بلحاظ المجعول الذي جَعَلَه الله وليس بلحاظ بني إسرائيل…(توجد آيات ونصوص شرعية، توجد مقاطع من نصوص شرعية يكون فيها الحديث والخطاب والإشارة مباشرة إلى بني إسرائيل، هنا الكلام والإشارة إلى الذي جعله الله في موقف، في خصوصية، في مكانة، في منزلة، يكون عذاب بني إسرائيل على يده، إذن بلحاظ المجعول الذي جعله الله وليس بلحاظ بني إسرائيل) وأن الله قد فرض الجزية على بني إسرائيل فكيف نتصور ان إتيان فرض الجزية وجبايتها يكون بسلطة ويد الكافر، فكانت ولاتزال دول وقوى مستكبرة وستأتي دول مستكبرة غيرها تحكم العالم إلى أن يأتي الفاسق الفاجر الظالم الدجال ابليس آخر الزمان، فهل نتصور أن هؤلاء سيأخذون الجزية من اليهود أو أن اليهود سيكونون مع الدجال والمستكبرين ومن جنده وأعمدته وأجهزة استخباراته وقواه الاقتصادية المسيطرة والمحركة للأمور والأفعال، وهم سيكونون من جند هؤلاء ممن سيسيطر على العالم؟ فكيف سيكون عليهم وينزل عليهم سوء العذاب من قبل هؤلاء وهم جند عند هؤلاء والطول والقوة للدجال وإبليس؟ وأيضًا نحن في هذا الزمان نفس الكلام يجري، إذن ستكون لهم القوة في فترة زمنية طويلة أطول مما سلط عليهم من عذاب في فترات زمنية تكون بالتأكيد أقصر.
وإذا كان الجعل إلهِيًا وكان بلحاظ المجعول وان العذاب سيكون بأخذ الجزية وأن الانصراف الذهني الأوّلي يكون إلى المؤمنين الصالحين المرسلين والخلفاء المُخلِصين المُخلَصين فيأخذون الجزية، فكيف يخالف ابن كثير ذلك ويخالف الانصراف الذهني فيخلط بين المؤمن والكافر فيجري النص ويطبّقه على المستكبرين الكفّار الظالمين الفاسدين المفسدين؟! إضافة لذلك فإن الواقع يخالف ما ذهبوا إليه من تفسير وتأويل فالحقب الزمنية التي مرت والمتوقعة مستقبلا إلى اليوم الموعود (وحتى في فترة اليوم الموعود، كما بينا قبل قليل، لفترة طويلة من فترة اليوم الموعود، أي عصر الظهور، ليس نفس اليوم وإنما نريد أن نقول: إلى اليوم الموعود ولفترة طويلة ما بعد اليوم الموعود، لاحظ إلى ظهور الإمام سلام الله عليه سيبقون هكذا وإلى ما بعد ظهور الإمام أيضًا ستكون لهم القوة والسلطة والسطوة ولا يسلط ولا ينزل عليهم العذاب، ولا يوجد من ينزل أو من سيكون على يده إنزال العذاب عليهم، حتى ما بعد اليوم الموعود، حتى ما بعد ظهور الإمام سلام الله عليه) وإلى ما بعد اليوم الموعود لفترة طويلة تشير بوضوح إلى أن الفترة الأطول جدا ليس فيها جزية على اليهود!!!، فلا مناص من ذلك إلا بالقول أن التطبيق والمصداق الأوضح للآية أن يكون ذلك التسليط في آخر الزمان عصر ظهور المهدي الموعود والمسيح الموعود والدابة الموعودة مع وجود السفياني والدجال وإبليس وجندهم ومنهم الجن واليهود.
ثانيا: نحن نشهد الواقع فإنّه لم يأت يوم القيامة وصار لليهود عشرات السنين ليس فقط لم يكونوا تحت قهر أحد بل انهم جعلوا الآخرين تحت قهرهم وذمتهم يؤدون اليهم الولاء والخراج أضعافا مضاعفة (من المسلمين من القادة من الحكام من الناس من الجماهير من الأفراد من الأشخاص، صار هؤلاء هم من يؤدي الجزية إلى اليهود) والمتوقع جدا أن الحال سيبقى الى حين، فهل يا ترى يقول ابن كثير وخط الشيخ التيمي بخرق القانون والوعد الإلهي ببعث مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الذي يستلزم العجز أو الجهل أو الكذِب وخلفِ الوعد؟!! نعوذ بالله من ذلك ونستغفرك اللهم ونتوب إليك…}}.