اعتقدت إسرائيل بأن العالم قد انشغل عنها؛ فالنيران المشتعلة في منطقتنا غيرت الأولويات، وشتّت الانتباه، فقد كانت لدينا فلسطين المحتلة فقط، وأصبحنا في كل عام من الأعوام الأخيرة نفقد دولة عربية جديدة، نراها تقع تحت الاحتلال، مرة باسم محاربة الدكتاتورية، ومرات تحت مسمى الحفاظ على الأمن والسلام العالميين، ومرات غيرها تحت بند الصداقة والحفاظ على النظام، وغطتنا سحب سوداء من الكراهية الطائفية والمذهبية، ومن سلم من الاحتلال لم يسلم من الإرهاب، ومن لم تدخله جيوش أجنبية وفرت المليشيات الداخلية غطاء الولاء والتبعية للأجنبي، ومن بقي بعيداً عن كل ذلك طاردته الأشباح من خلف الحدود!
بعد كل الجهد الذي بذل لتمزيق هذه الأمة حتى تنسى فلسطين، وقضية فلسطين، ومصائب فلسطين؛ [bctt tweet=”صدمت إسرائيل بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يدعوها إلى وقف الاستيطان،” via=”no”] وفقد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو صوابه، وسحب السفراء من الدول التي تقيم علاقات مع كيانه وتقدمت بمشروع ذلك القرار.
غضب الطفل المدلل؛ فالولايات المتحدة الأميركية لم تعترض على القرار، ولم تستخدم حق الفيتو، وتم التصويت بالموافقة عليه من جميع الدول الأعضاء، أصحاب العضوية الدائمة والمؤقتة، من شرق الكرة الأرضية ومن غربها، ومن شمالها وجنوبها، وهذا يعني أن العالم كله يرفض السياسة الاستيطانية الصهيونية، وهذا بدوره يعني فشل الجهود التي بذلها نتنياهو وأعوانه لإظهار العرب بأنهم غير جديرين بأرض الأنبياء، أرض فلسطين التي تعيش في أمان وسلام وسط المذابح في كل البقاع المحيطة بها!
نعلم جميعاً أن القرار لا تسنده قوة تنفيذية، مثله مثل عشرات القرارات الصادرة منذ 1948، وأن [bctt tweet=”إسرائيل لن تتوقف عن الاستيطان في أرض فلسطين” via=”no”]، ومع ذلك ننظر إليه من ناحيته المعنوية فقط، فإخوتنا في فلسطين بحاجة إلى تأييد معنوي بعد أن غلت الأيدي.
وبمعنى أدق بعد أن انشغلت الأيدي في نزاعات جانبية صنعتها دوائر عدوة على رأسها إسرائيل، لإطالة احتلالها وتوسيع خططها الاستيطانية، وصدور قرار بهذه الطريقة وفي هذا الوقت يجدد المفهوم الذي يراد لنا أن ننساه، وهو أن فلسطين هي القضية الأم، وهي الأولوية.