تتفق روسيا وتركيا على إجلاء أهالي حلب الشرقية، وتسكت إيران وحشودها المحاصرة للمدينة، ولا يحتج النظام السوري أو يؤيد، فتخرج الحافلات، بما وسعت من الهاربين من الموت تحت أنقاض البيوت وحرائق القصف، ويمرون بسلام عبر الممرات الآمنة، تلك التي يؤمنها الروسي، حتى يتجاوزوها، فيخرج القتلة من مخابئهم، يصطادون من منحوا العهود، ويتنصل المتعهدون من التزاماتهم.
[bctt tweet=”كل الذين يتقاتلون في سوريا لا عهد لهم ولا ذمة، كلهم كاذبون ” via=”no”]، أصحاب الأطماع التوسعية كاذبون، وأصحاب الفكر المذهبي كاذبون، وأصحاب السلطة كاذبون، ميزان النزاهة عندهم منحرف إلى أقصى درجات الانحراف، ولا يهمهم ذلك. من يقتل بدم بارد، لا يخشى أن يقال عنه إنه كاذب أو غير نزيه، ولا يلتزم بكلامه.
وبعد ذلك، بعد أن يتموا جريمتهم، يبدأ كل طرف في إلقاء اللوم على الطرف الآخر، الروسي يقول إنه أنجز مهمته، فأخرج الجميع دون أن يعترضهم أحد، ومليشيا الإيراني تقول إنهم لم ينسقوا معها، واعتقدت بأن الشاحنات قوات معادية، وجيش الرئيس تابع ولا إرادة له في ظل المحتلين، ويعود الجميع إلى نقطة البداية، بعد أن شطبوا من السجلات المدنية أسماء المئات من الأبرياء.
ويعيدون الكرة. روسيا هذه المرة تقول إنها جادة في تنفيذ الاتفاق، وستقصف أي قوات تعتدي على قوافل النازحين، وترسل «شاحنات موت» جديدة، والأمم المتحدة تناشد الأطراف الموافقة على منحها دوراً في عمليات النزوح، ومجلس الأمن سيجتمع لمناقشة إرسال مراقبين دوليين إلى حلب.
وحتى يحدث شيء من الذي يقولونه، سيبقى الروسي هو الذي يقصف، وهو الذي يرسل الشاحنات، وهو الذي يحمي المدنيين، وهو الذي يمشي في جنائز المقتولين!!
كلهم كاذبون، من يتحدثون باسم دول محترمة كاذبون، ومن يمثلون دولاً غير محترمة كاذبون، ومن حشدهم الحاقدون أيضاً كاذبون، والأمم المتحدة ومجلس الأمن مشاركون في كل الجرائم الناتجة عن الكاذبين!!