المعلومات الواردة الى بيروت من مصادر أميركية مطلعة ووسائل إعلامية تشير الى أن أي حوار بين رئيس روسيا بوتين والرئيس الأميركي ترامب ووزير خارجيته تيلرسون لا يمكن أن يبدأ إلّا إذا كانت إيران البند الأول فيه. فترامب يريد أن يحلّ الاتفاق النووي الموقّع معها، وهو على استعداد مع نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لمواجهتها حتى عسكرياً إذا استأنفت أبحاثها للمباشرة في صنع أسلحة نووية. والسؤال الذي يطرح في واشنطن الآن هو: كيف سيتصرف بوتين إذا وجد نفسه في الحال الموصوفة أعلاه؟ علماً أن المعطيات المتوافرة تشير الى أن إيران قد لا تكون في وارد القيام بذلك الآن. وتشير المعلومات نفسها أيضاً الى أن ترامب يريد أن يواجه السياسة العدوانية لإيران في المنطقة وأن يحاربها. فهل يتجاوب معه بوتين في حال توصلا الى اتفاق ثابت حول الشرق الأوسط؟ هل يوافق على «بيع» الرئيس بشار الأسد والإيرانيين إذا رفعت أميركا عقوباتها على بلاده لاحتلالها شبه جزيرة القرم والتدخّل المباشر في شرق أوكرانيا؟ طبعاً لا أجوبة عن هذه الأسئلة.
وتشير المعلومات إياها ثالثاً الى أن التسريبات «الاستخبارية» الأميركية الجديدة، تفيد أن المعلومات التي نتجت عن القرصنة الالكترونية الروسية لمجلس الحزب الديموقراطي وصلت الى ترامب، واستعملها في الأيام العشرة الأخيرة من الحملة الانتخابية ضد المرشحين الديموقراطيين لمجلسَيْ الكونغرس. وتفيد أيضاً أن مايكل فلين مستشار الأمن القومي لترامب سرّب يوم كان في المخابرات العسكرية معلومات مصنّفة سرية وغير مسموح نشرها لحلفاء في أفغانستان. لكنه لم يُعاقب بـ«التأنيب»، وعلى العكس من ذلك رُقّي الى رتبة جنرال بثلاثة نجوم. وتبيّن أن ذلك كان نتيجة جهد أحد أجهزة الاستخبارات الأميركية، والهدف كان التخلّص منه نظراً الى عدم ثقته به وغياب الثقة بينه وبين زملاء له من الجنرالات.
وتشير المعلومات نفسها رابعاً الى أن «لَيْ الأذرع» مستمرّ بين المجتمع الأمني الاستخباري الأميركي «الأشباح» وترامب ومن سمّاه وزيراً للخارجية. وقد بلغ نقطة بات معها ترامب غير قادر على تلافي آثار القرصنة الالكترونية الروسية ومضاعفاتها. ففي الـ48 ساعة الماضية نشر المجتمع المذكور أو زوّد وسائل إعلام معلومات مؤذية جداً، جعلت الأميركيين يعرفون أن بوتين كان يدير بنفسه عمليات القرصنة أو يشرف عليها، وأنه كان يريد الانتقام من المرشحة الرئاسية الديموقراطية هيلاري كلينتون لانتقادها علانية الانتخابات الروسية (الرئاسية) قبل نحو أربعة أعوام. كما جعلتهم يعرفون أيضاً أن بوتين كان يخشى كلينتون «الحقودة» والميّالة الى الانتقام. ولذلك كان يُعِدّ لصراع كبير معها في حال فوزها بالرئاسة، لاقتناعه في حينه بأنّه محتمل. أما الآن فهو مسرور جداً بالنتائج وخصوصاً بتسمية صديقه ريكس تيلرسون قُطب شركة إكسون – موبيل النفطية وزيراً للخارجية. وذلك يرقى في رأي البعض داخل الكونغرس ومنهم السيناتور جون ماكين الى مرتبة «عمل حربي».
ما هو الهدف من التسريبات الإستخبارية، ونشر المعلومات التي تم «التثبّت» منها؟ تفيد معلومات الجهات الأميركية الواسعة الاطلاع نفسها أنه نزع الشرعية عن انتخاب ترامب رئيساً. علماً أن ذلك لن يحول دون تسلّمه سلطاته الدستورية في الـ20 من الشهر المقبل بعد إدائه القسم في حفل رسمي. وهو أيضاً منع بوتين وترامب من تأسيس نظام دولي جديد أو عالمي جديد. فضلاً عن أن على الرئيس الجديد أن يوضح الكثير من الأمور المتعلقة بالـ«هولدنغ» العقاري الذي يمتلكه، وبالضرائب التي رفض نشرها في أثناء الحملة الانتخابية، وبتدخل أولاده في مسائل سياسية رغم إدارتهم أعماله. هذا إذا كان يستطيع أن يتجرّد فعلاً من أعماله أو أن يبتعد عن التدخل فيها. وتتوقع الجهات نفسها مزيداً من «الأخبار» المؤذية في الأسابيع المقبلة. ويبدو استناداً الى ذلك كله ان «الأشباح» «يفلّون البرغوت» كما يُقال في لبنان. كما تتوقع انتشار الغيوم الداكنة فوقه بعد إدائه القسم ومباشرته الممارسة الرئاسية. اما ريكس تيلرسون، تفيد معلوماتها، فمحترم من كثيرين في أميركا. لكنه «متّهم» بعقد صفقة كبيرة جداً مع شركة نفط روسية ذات سمعة سيئة داخل بلادها وخارجها. ويُخشى أن يحاول من خلال موقعه الوزاري التأثير على الغالبية الجمهورية في الكونغرس لرفع العقوبات التي فرضها على روسيا من أجل استئناف تنفيذ الصفقة التي أصابتها العقوبات بالتجميد.
ملاحظة: جون كيلي هو الوزير المعيّن للأمن الداخلي في أميركا وليس جون ألِن. والكلام في «الموقف» أمس للأخير. أعتذر.