-1-
[bctt tweet=”لا يوجد موضوع مثير للجدل، والحيرة، والألغاز، والانفعال، أكثر مما يسمونه الإرهاب” via=”no”] ، فهو آفة عصرنا الحديث، ومشجبه الأثير، وكذبتنا الفضلى والكبرى، فبسببه حمل عالمنا الكثير من الآثام والجرائم، وسالت بسببه وتحت عباءته أنهار من الدماء، وخُربت بيوت، وذُبح أبرياء، وهُدمت كنائس وبِيَع ومساجد وكُنُس، على رؤوس عُباد لا لهم ولا عليهم!
-2-
بذريعة محاربة الإرهاب ، مثلا، أبيد العمل الخيري أو كاد، على اعتبار أن إعانة الأرامل واليتامى جزء من تكوين البيئة الحاضنة له، أو بزعم أن المسح على جراح المساكين، هو عنوان كاذب لتمويل الإرهاب، وبسببه تشيطنت المقاومة المشروعة، وصار تحويل مبلغ من أخ لأخيه، أو من موسر لفقير، مدعاة للمساءلة والتحقيق!
-3-
دفع ثمن «مقامة الإرهاب» من هم ضحايا الإرهاب تحديدا، من البسطاء والأبرياء ومن لا يعلمون فيم يموتون، ولا كيف، ولا لماذا، لأن من يصنع الإرهاب، ويموله، ويدرب ويبرمج «ابطاله» شياطين تحت الأرض، يعملون من وراء ستار، وتحميهم القوانين، والدول والأجهزة النافذة، ولا يهم من يموت جراءه، في اسطنبول أو القاهرة أو بيروت أو حتى لندن، أو نيويورك، فقد غدا صناعة هذا «المنتج» صناعة معقدة، يدخل في تكوينها ما نعلم وما لا نعلم من عناصر وقوى ومصالح ومعادلات، ويبقى المجرم الحقيقي في مأمن، ويموت «المنتحرون الأغبياء» كما يموت ضحاياهم، «فرق حساب» بين قوى متصارعة وأجهزة عملاقة، شأنها شأن الفيلة الضخمة إذ تتصارع، فلا تشعر بمن تسحق من عشب ومخلوقات تحت أقدامها!
-4-
من الغباء البحت أن تتوجه أصابع الإتهام إلى «جماعات إسلامية» مثلا إثر تفجير كنيسة، أو جماعات مسيحية إثر تفجير كنيسة، سواء بسواء، فمن يفجر المكانين هو واحد، لغاية في نفسه، لا يعني هذا أنه لا وجود لحوادث إرهابية «بحتة» لكن قبل أن نشير بأصابع الإتهام لمن يريد الفاعل توريطه بالفتنة، علينا أن نقرأ المشهد من عل، ونحيط بكل التفاصيل القريبة والبعيدة، وقبل ان نحمل مناجلنا وفؤوسنا للضرب على رؤوس «الإرهابيين» الصغار، علينا أن ننتبه للإرهابيين الكبار، من صناع وممولي ومروجي الإرهاب، من دول كبرى وأجهزة قمع وإعلام، عمياء سفيهة، متخصصة بالخراب، وتشويه الذائقة الجمعية، وتزييف الوعي، وإشاعة القبح والضلال، وتبرير العسف والقهر والاستبداد والاحتلال، وتزيين الظلم، وتسويق الغباء باعتباره بضاعة صالحة للاستهلاك البشري!