نون والقلم

تفجير الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة.. هل حان دور إخوتنا المسيحيين في مصر؟؟

«الآن وقد أصبح عدد المسيحيين 1.300.000 في لبنان ومليونا ونصف في سوريا، فلماذا لا يأتي المسيحيون الى أوروبا ويعيشون فيها، مع العلم انه تم استيعاب مليوني مهجّر مسيحي عراقي في أوروبا؟…لم يعد مكان للمسيحيين في المشرق العربي في ظلّ صراع الحضارات، خاصة المسيحي – الاسلامي»! الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي.

من لبنان ذات حرب أهلية، إلى العراق بعد غزو غاشم وفي أمس غير بعيد، إلى سوريا التي يعاني إخوتنا من ذوي الديانة المسيحية إلى يوم الناس هذا، إلى جميع الأواني المستطرقة لهذا الوطن المستباح، النازف، يضرب الإرهاب الأعمى أين شاء ومتى شاء! حاصدا أرواح 23 ضحية على الأقل و49 مصابا، معظمهم من السيدات، في حصيلة دموية أولية لتفجير جبان استهدف كاتدرائية المرقسية بالعباسية شمال القاهرة، مستهدفا إخوتنا في الوطن يوم صلاتهم وفي دور عبادتهم!!

عبوة ناسفة تزن بين 12 كيلوغراما من مادة الـ«تي آن تي»، يُرجّح أنه تم إدخالها إلى القاعة المخصّصة للنساء ووقع تفجيرها عن بعد! أسئلة حائرة تبحث لها عن الأجوبة العاجلة والشافية في مرحلة أكثر من عصيبة حول من يقف خلف هذه الاعتداءات تضرب مصر في وضح النهار -القاهرة والصعيد والدلتا-، وما الرسائل المراد ايصالها؟ وما النتائج والتداعيات التي يمكن أن تترتّب عليها وطنيا وإقليميا وقوميا وعالميا؟ ماذا عن الإستعدادات الأمنية والإستخباراتية والجاهزية الأمنية والعسكرية في مواجهة هكذا «اختراق أمني»؟ كيف أمكن لمن أراد أو أرادت ادخال قنبلة وزنها 12 كلغ داخل الكاتدرائية المحاطة بحراسة مُشدّدة و مع اقتراب أعياد الميلاد ؟؟ أ ليست مصر تتعرّض ومنذ دهر لمن يستهدف وحدتها الوطنية ويخطّط لإشعال فتيل حرب أهلية؟

إلى أن تستعيد هذه الأمة توازنها، وينتفض شرفاؤها، ليعيدوا البوصلة إلى نصابها نقول لإخوة الوطن:

– إن [bctt tweet=”استهداف الأبرياء في دور العبادة وتصفيتهم بدم بارد مخالف لتعاليم هذا الدين الذي اختطفوه واغتصبوا معانيه” via=”no”]، يذهب من أبعد من مجرّد القتل الآثم إلى نخر الوحدة الوطنية وتأجيج لهب الشحن الطائفي إعدادا لمسارح«الدول الفاشلة» وتأسيسا لخرائط أرخبيلات الكيانية، تعمّدها المسالخ الطائفية؟!

– نسجّل تعاطفنا الكامل مع إخوتنا المسيحيين في مصر وفي كلّ قطر تعرّضوا فيه لعنف ما فعله سفهاء «الجهل المقدّس»، وتضامننا معهم غير المشروط في مصابهم الجلل!

– أ ما آن لبعضعهم أن يستفيق من حالة الإنكار والمكابرة وأن نتصدّى لسياسة التوظيف الرخيص والدامي«لإرهاب تحت الطلب»، تحايلا أو تماهيا أو تبريرا ؟ أم سنظلّ نراوح مكاننا ننصب خيام العزاء من حداد إلى حداد؟

– أ لن ينتهي مشهد الموت اليومي والرخيص بترويض هذه المخيلة الجماعية وتطويعها ليصبح المشهد المعمّد بالدم مألوفا وعاديا، فهكذا فعلوا في العراق وتدحرجوا به نحو المسلخ المذهبي، وهكذا يستنسخون الآن تجربتهم في سوريا والعراق ومصر وليبيا ووو..

– واهم من يعتقد أن العمليات الإرهابية مضبوطة الإيقاع بالاستحقاقات والمواعيد الكبرى، محدودة بأطلس جغرافي محصورة زمنيا ومقدور على ترويضها والتعايش معها، لأن قرار مُنفّذيها ليس بيدهم بل يمليه من يملك زمام الأمر توقيتا وتجنيدا وتمويلا وتوظيفا!!

– واهم أيضا من يتصوّر أنّ هذا الملف الانفجاري يمكن أن يُتلهّى به ليشكّل الفزّاعة التي سيتمّ توظيفها أو التمعّش في مقامرة عدمية غير المضمونة مطلقا..

من يقوم بتعزيز هذه الفتنة هو ذاته من ساهم في ترحيل المسيحيين من العراق وأرهبهم الآن ويرهبهم في سوريا لمغادرتها.. هل يذكر أحدكم سؤال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، ذات لقاء جمعه والبطريرك الراعي، لطرح سؤاله الشهير: «الآن وقد أصبح عدد المسيحيين مليوناً وثلاث مائة ألف في لبنان ومليونا ونصف في سوريا، فلماذا لا يأتي المسيحيون الى أوروبا ويعيشون فيها، مع العلم أنه تم استيعاب مليونيْ مهجّر مسيحي عراقي في أوروبا؟»، ما دام «لم يعد مكان للمسيحيين في المشرق العربي في ظلّ صراع الحضارات، خاصة المسيحي – الاسلامي»، كما إدّعي !!!

– بين صحيفة الرسول الأعظم، عليه أفضل الصلوات والسلام وعلى آله الطاهرين الطيبين، وعهدة عمر رضي الله عنه ، التي حفظت للمسيحيين حقوقهم حين «أعطاهم» فعلا لا زورا «أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها… أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضارّ أحد منهم» لا تُسكن ولا تصادر لتصبح مركز قيادة!!! وبين ما يأتيه من اختطفوا هذا الدين السمح وهجّروا بغير الحق إخوة لنا سكنوا هذه الديار منذ 1400 سنة أو يزيد، في تنفيذ أرعن لتطهير طائفي فظيع، ويبيعون السبايا أو يدفعهنّ إلى الانتحار، المسافات الضوئية!!!! هي ذات المسافات التي تفصل من صنع مجد الإسلام وسما برسالته النبيلة وكرّس تعاليمه التي ساهمت في انتشاره حيث لم تطأ سنابك خيول المسلمين وجحافل جيوشهم، وبين السفهاء من نافخي كير الفتنة بفتاوى يشيب لها شعر الرُضّع والولدان، ولقطاء أجهزة الاستخبارات الأجنبية، ووقود حروب الوكالة، يختطفونه ويهوون به إلى حيث الجهالة والارتكاسة الحضارية، وتدمير آخر حصون الوحدة الوطنية في تنفيذ ممنهج لتعاليم إستراتيجيات تفتيت المفتّت وتحويل ما تبقى من أقاليم إلى أرخبيلات ال”دول الفاشلة”!

أ لا تحتاج مواجهة هذا المارد «الذي أُطلق من قمقه» إلى وحدة وطنية مصرية صماء ولا تتزعزع وحوار ومصالحة متماسكة بين جميع أبناء الشعب والقطع مع سياسات التجاهل والتهميش والعزل واعتماد استراتيجيات تذهب أبعد من مجرّد مقاربة أمنية ولا تأخذ بعين الإعتبار بما يجري في المنطقة في مواجهة مارد الإرهاب المعولم الموظّف.. عصى من يهشّ بها على مصالحهم الحيوية!! ولهم فيها المآرب الأخرى!

حسنا فعلت الكنيسة القبطية الارثوذكسية التي تعالت على جراحاتها المثخة، لتؤكّد على «حفظ الوحدة الوطنية التي تجمع كل المصريين على أرض مصر المباركة»، لا وعلى أنها تصلّي أيضا «لأجل المعتدين لكي يرجعوا الى ضمائرهم»!!!!

خالص التعازي وأحرّها لعائلات الضحايا! حمى المولى مصر!

*باحث في الفكر الاستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى