يبدو أن فرانسوا فيّون، وهو رئيس وزراء فرنسي سابق ويميني محافظ، لن يواجه الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند في السابع من أيار (مايو) القادم، فقد [bctt tweet=”أعلن الرئيس أنه لن ينافس على ولاية ثانية في الإليزيه” via=”no”]. تظل هناك عقبات على الطريق، منها مارين لوبن زعيمة حزب «الجبهة الوطنية»، التي تطمح إلى الفوز بالرئاسة، وبعدها مانويل فالس، الذي استقال من رئاسة الوزراء ليخوض الانتخابات.
برنامح فيّون معروف، فهو كرّر ذكر مواقفه مرة بعد مرة، واجتذب الطبقة «المرتاحة» -ولا أقول المتوسطة- من الفرنسيين الذي يريدون عودة سلطة الرئاسة والأمن التقليدي، وتعهد بمواجهة النقابات وخفض الإنفاق العام، كما وعد بمواجهة الإسلام الرديكالي المحلي في بلد يضم حوالى خمسة ملايين مسلم، وله مواقف حادة ومسجلة ضد الهجرة إلى فرنسا. هو أعلن أيضاً أنه سيحدّ من حق مثليي الجنس في التبني.
فالس كان أعلن أنه سينافس هولاند على رئاسة الاشتراكيين، وقال إن الولاء لا يستثني الصراحة. ما نعرف عن فالس أنه أيّد إصلاحات في مجال «البزنس»، وكان صارماً في حفظ الأمن، ما أبعد عنه كثيرين من الطبقة العاملة. حظه في الرئاسة يظل أفضل كثيراً من حظ لوبن، ولكن لا أرى أنه سيتفوق على فيّون.
في المقابل، تبدو لوبن أكثر قرباً إلى الطبقة العاملة من فيّون. هي تريد عودة سن التقاعد إلى 60 سنة، وزيادة الإنفاق العام، وحماية الاقتصاد، بالخروج من الاتحاد الأوروبي وعودة فرض تعرفة على الواردات، ورقابة على الحدود. هذه المواقف أظهرت استطلاعات للرأي العام الفرنسي أنها جذبت إلى المرشحة اليمينية 45 في المئة من العمال و38 في المئة من الموظفين والشبان والشابات الذي يبحثون عن أول وظيفة لهم. إذا استطاعت لوبن أن تقنع أنصارها بالذهاب إلى مراكز الاقتراع تصبح خطراً حقيقياً على فيّون وفالس.
الاستطلاعات تقول إنه إذا كانت الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة الفرنسية بين فيّون ولوبن، فهو سيهزمها بحوالى 25 نقطة. ولكن مع وجود فالس، أتوقع أن التنافس على الرئاسة سيكون بين الرجلين. إلا أنني أصبحت أكثر حذراً في تصديق استطلاعات الرأي العام، بعد أن قالت إن هيلاري كلينتون تتقدم على دونالد ترامب بما يتراوح بين أربع نقاط وست عشية انتخابات الرئاسة الأميركية، وفي اليوم التالي فاز ترامب بالرئاسة.
فيّون عنده المؤهلات المطلوبة، فهو خبير بالوضع الداخلي في بلاده، كما أنه يعرف السياسة الخارجية جيداً، إلا أن فالس ولوبن يستطيعان مهاجمته. فالس سيربطه بسياسة نيكولا ساركوزي الفاشلة وأنصار لوبن يقولون إنه يريد تدمير الرعاية الاجتماعية، وإن الفقراء لن يحصلوا على خدمات طبية مجانية إذا فاز.
هي تقول إنها ليست من اليمين الفرنسي أو اليسار وإنما هي مواطنة وطنية، وأنصار فيّون يردون عليها بأنها تكذب. في المقابل، أنصارها يقولون إن فيّون سيطرد 500 ألف موظف حكومي من العمل، وإن اقتراحاته لإصلاح قوانين العمل تهدف إلى حماية الأثرياء وتبرير موجة تقشف تصيب الفقراء.
إذا فاز فيّون بالرئاسة، وهو ما أرجحه اليوم، فهو سيمارس سياسة تصادمية مع قطاعات كثيرة من الشعب الفرنسي. ولعل فوزه الكاسح في الانتخابات التمهيدية مؤشر إلى المستقبل، فهو بعد الفوز عزل جميع معارضيه في الحزب الجمهوري وعيّن في مكانهم أنصاراً موالين له.
هل هذا يكفي للفوز بالرئاسة؟ لن أجزم برأيٍ اليوم بعد ما حدث في انتخابات الرئاسة الأميركية، وإنما أقول إن كل الاحتمالات وارد، لكنّ ستة أشهر تفصلنا عن الجولة الثانية والأخيرة من انتخابات الرئاسة الفرنسية قد تطرأ خلالها أحداث لم تكن في الحسبان.