نون والقلم

خبث التوقيت !!

رغم أن الهوية المصرية، صلبة تاريخيا، وغير هشة، بطريقة تتفوق فيها على كل الهويات العربية والاسلامية، الا انها اليوم مهددة، بقوة، في سياقات الاصرار على توليد حرب دينية في مصر، تؤدي في المحصلة الى تقسيمها، الى دولتين او اكثر.

[bctt tweet=”تفجير الكنيسة، على ذات توقيت ذكرى المولد النبوي الشريف، مقصود بقوة، لتصنيع تزامن ديني” via=”no”]، وكأن المسلمين لا يتذكرون ميلاد نبيهم، الا بقتل المسيحيين، وهذا طبعا أمر غير صحيح، لكن عراب التفجير الاصلي والمخفي، يريد هذا السياق حصرا، ليساهم في توليد حرب دينية في مصر، وهي حرب تم إشباعها أساسا بآلاف الحكايات بين المصريين، مسلمين ومسيحيين.

من الطبيعي ان ينزلق الجميع، للتنديد بالفاعل، او التنظيم، او الارهاب، لكن السؤال الاعمق، يتعلق بالذي يريده الفاعل الاصلي، وليس ذاك الذي تم توظيفه، في سياقات شعاراتية، وتمت تغذيته ليحقد على المسيحيين، معتبرا ذلك، عملا من أعمال الآخرة.

هذا هو السؤال المهم، وهنا، لا نجهد كثيرا في الوصول الى رغبات الفاعل الاصلي، الذي يخترق كل التنظيمات، وهو قادر على تنفيذ مخططه، عبر وكلاء، لا يعرفون في حالات كثيرة، انهم يخدمون الشيطان، وليس الرحمن، لكنها الالتباسات وسط امة، اصيب بعضها بعمى الالوان.

الذي يقف وراء تفجير الكنيسة حصرا، يريد غاية من عدة غايات، او لربما مجتمعة، الاولى تتعلق بوجود مخطط لخلخلة مصر كليا، بعد الازمات السياسية والاقتصادية، التي آذت مصر، لكنها لم تسقطها حتى الان، في فخ الفوضى الدموية، والاغلب ان وراء هذا المخطط جهات مصرة على إلحاق مصر بسوريا والعراق، لكن على اساس ديني يؤدي الى التقسيم او الانشطار، اما الغاية الثانية، فتريد تحريض الغرب حصرا على القاهرة ، عبر اظهارها بصورة غير القادر على حماية مواطنيها من المسيحيين، من هذه الشرور، التي تعددت مرارا، لكنها بالمناسبة، تعصف بالمسلمين ايضا، ولاتستثنيهم ابدا، فيما الغاية الثالثة، مشوبة بالتباسات، وقائمة على حاجة القاهرة الى اثارة القلق الداخلي، لرص الصفوف، وفي الكلام اتهام لها، بصلتها بالحادث، قياسا بحوادث اخرى، لكنني اعتقد ان هذا تفسير سطحي، وغير دقيق ابدا، ، بحيث يراد اتهام النظام بأنه نظام يدبر الحوادث لغايات محلية، وهذا أمر غير منطقي، وغير صحيح.

ليس غريبا ان ينفذ التفجير ذكر ام انثى، تحت وطأة انتقام، لسبب ما، وبتغذية من شعار ديني، لكن على الاغلب العملية لم تكن لحساب مُشغّله الاولي الذي ارسله، ولاحتى لحسابه شخصيا، فالمؤكد ان هناك طرفا في الظلال، يخطط لشيء أكبر في مصر، ولديه القدرة على التواري، واختراق هكذا اشخاص او تنظيمات لغايات مختلفة، من بينها توليد حرب اهلية في مصر، لحسابات محلية او اقليمية او دولية، خصوصا، بعد مساحات النظام بالبروز كدولة مستقلة وغير تابعة لاحد.

سمعنا هجوما كثيرا على الارهاب، لكننا نسأل اليوم، وبشأن هذه الحادثة حصرا، عن دوافع المشغل الحقيقي، فهوياته قد تكون متعددة، وغاياته تختلف من مشّغل الى آخر، لكننا نقول بصراحة، ان مصر مهددة، اذ تجمّع الراغبون بالثأر منها، من مشارب مختلفة، ولغايات متناقضة احيانا.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى