[bctt tweet=”بعد حلب ليس كما قبلها. الحرب في سوريا تسير في الاتجاه المعاكس” via=”no”] للاتجاه الذي كانت تسير فيه منذ أكثر من خمس سنوات ونصف سنة. المعارضة السورية بات يلزمها الكثير لتتعافى من أقوى ضربة توجه اليها منذ تعسكرت بعد أشهر من بدء الاحداث في سوريا. وحتى داعمو المعارضة من واشنطن الى الاتحاد الاوروبي الى تركيا الى دول الخليج العربية لا بد ان يعيدوا حساباتهم بعد حلب.
وليس المشهد الحلبي وحده الذي يفرض اتجاهاً آخر للحرب، وإنما مشهد خروج مقاتلي المعارضة من بلدات حول دمشق، يوحي أيضاً بالمسار المختلف للحرب. وأي محاولة لداعمي المعارضة السورية لن تكون سوى من قبيل تمديد أمد قتال عبثي غير محكوم بأي أفق سياسي.
ولا شك في أن روسيا فرضت ايقاعها على وجهة الحرب وكان لتدخلها العسكري منذ اكثر من سنة التأثير الحاسم في تبدل موازين القوى. وعندما شعرت واشنطن بأن مزيداً من تدخلها العسكري في سوريا سيعني اصطداماً مباشراً بروسيا، اتخذت قراراً بالتراجع. ومنذ أن اتضح للولايات المتحدة ان سوريا باتت تحت المظلة الروسية المباشرة، بدأت تبرد الرؤوس الاميركية الحامية الداعية الى تدخل أوسع. ولا يغير في واقع الحال شيئاً قرار الكونغرس الاميركي زيادة المساعدات العسكرية للمعارضة السورية. إن زيادة المساعدات للمعارضة السورية من الان فصاعداً يعني مخاطرة أميركية أكبر بتسليح «جبهة النصرة» وتحمل تبعات ذلك مستقبلاً.
لا بد انه بعد حلب تذهب القراءة الهادئة لصانعي القرار الاميركي في اتجاه العنوان العريض الذي يضعه الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب والقائل بأنه لا يتعين على اميركا العمل على تغيير أنظمة الدول في الخارج وإنما العمل على القضاء على «داعش». وأوروبا من دون الولايات المتحدة لن تكون قادرة على خوض مغامرات التدخل العسكري في الخارج على نحو ما جرى في أفغانستان والعراق وليبيا. ولن يجدي التهويل الفرنسي بأن سوريا ستنقسم «سوريا المفيدة» في رعاية روسية و«داعشتان»، لإقناع أميركا بخوض غمار حرب فيها لتغيير المعادلات العسكرية الجديدة في الميدان.
ومثلما هي حلب نقطة عسكرية مفصلية في الحرب السورية، يمكنها أيضاً ان تكون محطة للانتقال الى البحث الجدي عن حل سياسي ليس مبنياً على اسقاط نظام وتنصيب آخر مكانه. تلك تجربة عبثية كلفت سوريا الكثير. حان الوقت للتفكير في مقاربة جديدة تنقذ ما تبقى من سوريا، وتسخر الامكانات لمحاربة وحش التطرف الزاحف على الجميع. الإصرار على لازمة السنوات الخمس الاخيرة لن تجلب إلا مزيداً من الدمار.