منذ فترة غير قصيرة تتوالى تقارير وإفادات ومقالات صحفية وحقوقية تتهم تنظيم الدولة الذي يعرف باسم “داعش” بانتهاجه للاعتداء أو الاغتصاب والاستعباد الجنسي والزواج بالإجبار ضد النساء وخاصة نساء الطائفة الأيزيدية.
كما جسدت قصص النساء مع تنظيم داعش الارهابي أبشع مآسي الانسانية، حيث تعرض الكثير منهن الى أقسى أنواع الاضطهاد والظلم كالاغتصاب والتهميش وممارسة العنف وفرض القيود التعسفية عليهن، فضلا عن حالات السبي والاتجار بالنساء، كما حصل مع نساء الأقلية الإيزيدية في العراق اللواتي تعرضن للاغتصاب الجماعي والعبودية على أيدي ارهابيي تنظيم داعش قبل الإفراج عنهن في إطار صفقة مالية، كما أظهرت تقارير حقوقية أن مئات منهن تم استعبادهن وبيعهن في ما يسمى “سوق السبايا” حيث يتم شراء النساء اللائي وقعن في قبضة هذا التنظيم الارهابي الذي يستخدم اساليب الجاهلية في التعامل مع النساء، على العكس تماما مما حصلت عليه المرأة في الاسلام من حقوق وحريات صانتها وحفظت منزلتها وكرامتها.
من جانب آخر استخدم تنظيم داعش الارهابي عدة اساليب لجذب النساء بذريعة الجهاد الذي يسمى “جهاد النكاح”، وكيف روجت له تنظيمات داعش، وكيف تم التغرير بنساء وفتيات، من اجل تحقيق الرغبات الجنسية تحت إلحاح الهوس الجنسي لأفراد التنظيمات الارهابية، كما تؤكد ذلك شواهد كثيرة من بينها ما ادلى به ارهابيون من معلومات بهذا الخصوص لوسائل اعلام مختلفة.
كما استخدام هذا التنظيم الارهابي اساليب أخرى لاستمالة النساء وخاصة من القاصرات وذلك بوعدهن وترغيبهن بالعيش في ما يسمى بـ “دولة الخلافة” في سوريا والعراق، بحياة ملؤها المغامرة وقوامها العمل والدعوة والنقاب، ويعدهن ايضا بالحب وبعناق طويل ونزهة قرب النهر… مع “زوج حلال”، وللشبان ايضا مغرياتهم التي يعتمد التنظيم الارهابي لنشرها على آلة دعائية ضخمة تشمل وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها: المنزل والمال والسلاح، والطبابة الدائمة، والكهرباء المجانية.. اما الاطفال فلهم المدارس والمعاهد الاسلامية التي توفر تنشئة عسكرية ودينية، مما خدع الكثير من المراهقين والمراهقات بهذه الوعود الجوفاء وتم استخدامها كادوات ارهابية بعيدة كل البعد عن المبادئ الاسلامية الانسانية السامية.
كما استخدام داعش الارهابي النساء لاستقطاب الجهاديين على شبكات التواصل الاجتماعي، فالمرشحات للانخراط في التنظيم لا يكون اختيارهن محض صدفة، وإنما وفق الاهتمامات التي يظهرنها خاصة على فيس بوك، واستخدمهن كمصدر للتمويل، بالبيع والصفقات كما حدث مع النساء الايزيديات في العراق.
وعليه باتت المرأة حاضرة في تنظيم داعش الارهابي، ولم تمنعها المخاطر الارهابية من المشاركة في دعم هذا التنظيم الموغل بالكراهية والظلام، لكن مؤخرا انكشفت حقيقة داعش للنساء وظهرت الصورة الحقيقية لهذا التنظيم المغتصب للنساء والمعادي للانسانية جمعاء.
اغتصاب إيزيديات والإفراج عنهن بمقابل مالي
في سياق متصل كشفت الصحافة البريطانية، تفاصيل جديدة مروعة عن تعرض نساء الأقلية الإيزيدية في العراق للاغتصاب الجماعي والعبودية على أيدي جهاديي تنظيم داعش قبل الإفراج عنهن في إطار صفقة مالية، بحسب ما أكدته منظمات إغاثية، وقد نشرت مجلة “انترناشيونال بزنيس تايمز” البريطانية، شهادة تؤكد أن مصير الإيزيديات اللائي وقعن في قبضة تنظيم “الدولة الإسلامية” كان الاغتصاب أو التعذيب. بحسب فرانس برس.
زياد شامو خلف الذي يعمل في منظمة إنسانية تدعم الإيزيديين في العراق قال للمجلة، إن الإيزيديات بيعن إلى المقاتلين وتم تعذيبهن واغتصابهن جماعيا وعلنا، اغتصاب مارسه في كل مرة جهاديين اثنين أو ثلاثة على الأقل، قبل أن يفرج التنظيم مؤخرا عنهن، وأضاف أيضا أن التنظيم الجهادي نزع أطفالا من أمهات إيزيديات وفرقهم على عائلات في مدينتي الموصل وتلعفر (شمال)، وقال خلف إن “الإيزيديين تعرضوا لمعاملة سيئة جدا وأجبروا على اعتناق الإسلام والصلاة والنطق بالشهادة، كما تم تلقينهم دروسا دينية حول الإسلام”. وأضاف أن بعضهم حظي بمعاملة حسنة، لكن كل من لم يمتثل للتنظيم الجهادي كان مصيره التعذيب والضرب المبرح.
وكشف أيضا، أن الجهاديين ضربوا وعذبوا أمهات ترجينهم ترك بناتهن، خلف وهو رئيس لجنة الإغاثة “مبادرة أيزيديون عبر العالم” قال إن الشابات الإيزيديات بيعن لجهاديي تنظيم “الدولة الإسلامية” وإلى مقاتلين من قبائل عربية موالية للتنظيم في الرمادي بعد اكتساحهم مناطق واسعة من العراق ومنها جبل سنجار في آب/أغسطس 2014.
من جهته، أشار توم روبنسون، العامل في منظمة رايز فوندايشان والتي تتكفل برعاية اللاجئين الأكراد، إلى أن الإفراج عن الإيزيديات مؤخرا قرب كركوك. تم مقابل مبلغ مالي لم يحدده. وأضاف روبنسون، أن هذا يحدث كثيرا، حيث سبق وتم الإفراج عن أطفال ونساء بعد عقد صفقات مالية كبيرة.
وأظهر فيديو نشر على الإنترنت ونسب لتنظيم “الدولة الإسلامية”، الجهاديين وهم يتغنون بيوم”سوق السبايا” حيث يتم شراء النساء اللائي وقعن في قبضة التنظيم، كما أظهرت تقارير، أن مئات منهن تم استعبادهن بعد سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على مناطق واسعة في العراق خصوصا، حتى أن مجلة دابق التابعة للتنظيم لم تنكر استعباد نساء وأطفال الأقلية الإيزيدية، وبررت هذه الممارسات بدواع دينية!.
وكشفت منظمة العفو الدولية في تقرير من 87 صفحة، نشرته في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أن النساء الإيزيديات بيعن على أساس أنهن “عبيد الجنس”. وجاء في نفس التقرير، أن الأطفال قدمن للجهاديين على أساس أنهم “هدايا”!.
بين الترغيب والخداع
في مدونتها “يوميات مهاجرة”، تعرض أقصى محمود الفتاة الغامضة التي تقدم نفسها على انها طبيبة انتقلت للعيش في سوريا، للواتي يعبرن عن الرغبة بالسير على خطاها المحفزات قائلة “لا ندفع ايجارات هنا. المنازل تعطى مجانا. لا ندفع فواتير كهرباء او ماء. ونحصل شهريا على مواد غذائية: معكرونة، معلبات، أرز، بيض”. بحسب فرانس برس.
وتشير صحف غربية الى ان اقصى محمود وصلت الى سوريا قادمة من غلاسكو في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، وهي واحدة من نحو 550 شابة انتقلن الى سوريا والعراق، بحسب تقديرات خبراء، بعد ان جذبتهن “الدولة الاسلامية”.
وتقول مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط للابحاث في بيروت لينا الخطيب لوكالة فرانس برس ان التنظيم “يبيع الشبان والشابات يوتوبيا (وهم المثالية) إسلامية على مقاسه، لا علاقة لها طبعا بالدين الاسلامي”، وتتابع “يقول لهم هذه هي الدولة الاسلامية الحقيقية الوحيدة في العالم، ويمكنكم ان تصبحوا اشخاصا مهمين فيها”، مشيرة الى انه “يستهدف شبانا وشابات لم يكوّنوا هوياتهم بعد”.
ويحصل المهاجرون كذلك في “دولة الخلافة” على الادوية مجانا، وعلى مبالغ مالية شهرية للزوج والزوجة ولكل طفل في العائلة، بحسب ما تقول أقصى.
وتشير المرأة الشابة (عشرينية بحسب صحف غربية تحرّت عن هويتها) الى ان في امكان النساء المهاجرات العمل ضمن نطاق اختصاصهن، مثل التدريس والطب والتمريض، وان من لا ترغب بالعمل تكلّف بالدعوة والتجنيد وتعيش في غرفة منفصلة ضمن “مقر” تشارك فيه “اخوات” اخريات، ويرى حسن حسن مؤلف كتاب “تنظيم الدولة الاسلامية: من داخل جيش الرعب”، ان “الفتيات اللواتي ينضممن الى هذا التنظيم يبحثن عن المغامرة ، وبعضهن يعشن في عالم وهمي ويحلمن بالزواج من محاربين”، وتشرح اقصى ان الزواج يتم بعد ان يزور العريس الذي يحصل على “سبعة ايام اجازة” ما ان يتزوج، عروسه ويراها لمرة واحدة، وان النساء يخترن مهرهن بانفسهن ، وهن بالاجمال لا يطلبن مجوهرات، بل يخترن الكلاشينكوف”، وفي حفلات الزفاف، لا العاب نارية، بل “طلقات رصاص والكثير من التكبير”، فيما السير قرب نهر الفرات هو النزهة المفضلة للمتزوجين حديثا.
وتنشر اقصى على صفحتها صورة رجل ملتح وقربه عروس بنقاب ابيض، مع عبارة “الى ان تفرقنا الشهادة”، وردا على سؤال لشابة طلبت منها مساعدتها في اتخاذ قرار مغادرة حبيبها والتوجه نحو سوريا، تقول “أعدك انه في يوم ما سيحتضنك أحدهم طويلا وسيصلح كل ما انكسر في قلبك. نعم، سيكون الزوج الحلال”، وترى الخطيب ان هذه المدوّنة المكتوبة بالانكليزية “في حال كانت صحيحة، فلا شك ان تنظيم الدولة الاسلامية يشرف عليها ، انها اداة من ادوات التجنيد”.
كيف يستقطب “الجهاديون الجذابون” الفتيات؟
على الصعيد نفسه “بدأت القصة على موقع فيسبوك”، هكذا قالت “عائشة” – وهذا اسم مستعار نستخدمه لحمايتها، “إذ كتب إلى أحدهم يوما ما قائلا “أنت جذابة جدا”، وكنت وقتها في السابعة عشرة تقريبا”، وقال “حان الآن الوقت لحجب هذا الجمال لأنك ثمينة جدا”، وكاد ذلك أن يبلغ حد التحرش”، وأضافت عائشة: “إنك تؤمن بالله بالفعل، وتؤمن بالجنة والنار، ثم يأتي شخص، ويقول لك إن مصيرك سيكون النار إن لم تفعل ذلك. وربما كانت تلك أفضل طريقة أُستهدف بها، وقد أتت بالنتيجة المرجوة”، “ولكن مع الخوف تأتي الجاذبية”.
“نحن نعلم أن تنظيم الدولة الإسلامية ليس ضد استعراض جاذبية مقاتليه الجسمانية لاجتذاب الفتيات اللاتي يكاد احتكاكهن بالجنس الآخر يكون معدوما”. بحسب البي بي سي.
لم تكن عائشة تتطلع إلى جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها كانت قد شاهدت تجسيدا لهم في تنظيم القاعدة، في العراق، وجماعة الشباب في الصومال، وتقول عائشة، إنها حينما كانت في فترة صباها، كانت تتطلع إلى ما تراه عيونها من جمال، وكان يلفت انتباهها حسن المنظر، وكان الشباب في لقطات الفيديو على يوتيوب – لسبب أو لآخر – شديدي الجاذبية، وتقول: “كانوا ذوي جمال أخاذ – وفكرت أنني يمكنني أخيرا معرفة شخص يمارس نفس الدين الذي أمارسه، وليس بالضرورة من نفس عرقي، وهذا مثير. كان الأمر شبيها بالمجهول”، وتضيف: “تشاهد في فيسبوك صفحة جديدة لشاب ضحى بنفسه في الخارج، وهو نفس الشخص الذي كنت قد رأيته من قبل في فيديو آخر. وهو الآن ميت. كان أمرا غريبا. كان لدي رغبة في أن ألتحق بأحدهم قبل أن يموت”.
وتساءلت عائشة: هل كانت هذه هي الرسالة؟ ثم أجابت: نعم، وعندما يموت باعتباره شهيدا، فستلحق به في الجنة”، وكان أنور العولقي أحد الأشخاص الذين طلب من عائشة مشاهدتهم أونلاين، وبإيعاز من الشخص الذي عثر عليها على مواقع التواصل الاجتماعي وعرفها بالنهج الأصولي السلفي، بدأت عائشة تشاهد لقطات فيديو الدعاية للقاعدة، وأخذت تذهب إلى المسجد في منطقتها، للاستماع إلى بعض الدروس الأخرى.
وكان أنور العولقي متخصصا في استقطاب المسلمين في الغرب إلى النهج المتشدد.
وعثر على اسم العولقي على قائمة البريد الإلكتروني لأمريكي قتل 13 شخصا، في قاعدة عسكرية في فورت هوود في تكساس. وأفادت تقارير بأنه التقى في 2011 مع أحد مهاجمي مكاتب شارلي إبدو، قبل أن تستهدف طائرة بدون طيار العولقي وتقتله، وعندما قتل، كان ذلك صدمة كبيرة لعائشة. لقد حزنت كثيرا، لأنها – كما قالت – “فقدت قائدا جيدا”.
وعندما سألت إن كانت شعرت من خلال من اتصلت بهم من الدعاة بأنهم يدفعونها نحو الانتحار، أو نحو الجهاد، أو نحو ارتكاب جريمة؟ قالت: “لقد تعرضوا لموضوع الشهادة، وهذا أمر إيجابي، لأنك تقتل وأنت محارب في سبيل الدين. إنني أومن بشدة بأن هذا سيفضي في النهاية إلى تشجيع كثير من الشباب في مدينتي على المشاركة في ذلك”، وقدمت عائشة تفسيرا لشعور الفتيات البريطانيات الثلاث بالعزلة، مما دفعهن إلى التوجه إلى سوريا.
فقالت: “إننا نصحنا في أحد الجلسات بألا نتحدث عن أنفسنا بأننا بريطانيات. وهذا يتماشي جيدا مع الفكرة السائدة عن أن بريطانيا أمة كافرة، وهي أمة قتلت كثيرا من المسلمين، وهي عدوتنا”.
وأضافت: “إن كنت لا تثق في الدولة، ولا تثق في الشرطة، فإنك لا ترسل أطفالك إلى مدارس الدولة، بل ترسلهم إلى مدارس إسلامية، أو تعلمهم في البيت”.
ويعتقد بعض السلفيين والوهابيين بأن بريطانيا ستصبح في نهاية المطاف دولة تطبق الشريعة، وسألنا عائشة عما كانوا يقولونه عن النساء غير المسلمات، النساء البريطانيات؟ فقالت: “كانوا يسخرون منهن، ويرون أنهن يُثرن الاشمئزاز، فهن شبيهات بالرجال”، وأضافت: “لقد علمونا أن تكون المرأة مطيعة، وأن تظل في بيتها. ويجب أن تكون حسنة المنظر، طيبة الرائحة”، “وعلى الرغم من أنني كنت ألمس بين من أنتمي إليهم محاولات للتشجيع على المساواة بين الرجال والنساء داخل إطار الدين، فإنني رأيت أيضا كيف أن ما يحدث بالفعل لم يكن في صالح المرأة على الإطلاق”.
“كان هذا هو الأمر المهم، بالنسبة لي، إلى جانب فكرة ذهابك لقتل شخص ما، ليس مسلما”، “كان هذان الأمران هما أهم الأشياء التي دفعتني إلى الابتعاد عنهم”، ولكن كيف ينظر رفقاؤها إلى محمد إموازي، أو “الجهادي جون”؟، قالت عائشة: “إنهم يرون فيه مثالا، ويعتبرونه نموذجا، فهو يقاتل باسمهم، ومن أجلهم. لذلك فهو من وجهة نظرهم، شخص يفتخر به”.
أحلام محطمة
من جهتها تحتفظ رزان بسماعتها الطبية ومفتاح بيتها في سوريا، على أمل أن تعود لبلادها في أقرب وقت ممكن، اعتادت رزان على المظهر الجديد الذي فُرض على النساء في مناطق شمالي سوريا، خضعت لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وبعد أن كانت ترتدي حجابا عصريا، وملابس متعددة الألوان، فرض الجهاديون عليها وعلى غيرها من النساء ارتداء عباءات طويلة سوداء، ونقابا يغطي الوجوه باستثناء المنطقة المحيطة بالعينين. بحسب البي بي سي.
ولم تكن رزان امرأة عادية، إذ كانت طبيبة، وناشطة في مجال مكافحة العنف، خاصة العنف ضد المرأة، وخلال السنتين الأوليين من الانتفاضة السورية، وقبل ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية”، كانت رزان وغيرها من الناشطين يعملون بحرية ويطالبون بالحرية والديمقراطية، “فقد كان وقتا عظيما، وكانت لدينا أحلام كبيرة”.
لكن سرعان ما تحولت الأحلام إلى كوابيس، إذ أصبح النشاط العام الذي تقوم به رزان سريا، ولم تعد تستطيع مقابلة النشطاء من الرجال بسبب الفصل بين الجنسين، وأصبح الأمر أكثر سوءا عندما وصل الجهاديات، ومعظمهن أجنبيات، وبدأن في مراقبة أنشطة النساء أمثال رزان.
وقالت رزان: “كنا نقوم بالكثير من الأنشطة ونحن مختبئات وراء النقاب لأن الرجال لا يستطيعون اكتشاف أمرنا. لكن بعد تشكيل “لواء الخنساء” من الجهاديات النساء، أصبحنا نخاف ونحن في منازلنا”.
ويحق لعضوات لواء الخنساء كشف النقاب عن أوجه النساء، وإجراء تفتيش مفاجئ لمنازلهن، ومراقبة أنشطتهن، وحُظر التجمع لأي غرض غير الأغراض الدينية، ويخضع من يحضرون الاجتماعات المخالفة للعقاب على يد لواء الخنساء.
وأصبحت أحوال المدنيين أشد قسوة بعد أن أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” إقامة “الخلافة” في الأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق، في يونيو/ حزيران الماضي. وبحسب رزان، فإن “عنفهم يفوق الوصف. إنهم يرهبون الناس”.
وتابعت: “أصبح جلد الرجال والنساء في العلن أمرا اعتياديا. وهناك عدة حالات رجم لنساء اتهمن بالزنا”، وقد يكن النساء عرضة للعقاب إذا ارتدين النوع غير الصحيح من النقاب، الذي لا يكون سميكا بما يكفي أو يكون مُقلّما. وتدخلت محاكم الشريعة في الكثير من هذه الحالات.
وفي أحد أيام صيف 2014، واجهت رزان غضب تنظيم الدولة بنفسها، إذ زار عدد من أعضاء التنظيم المستشفى الذي تعمل فيه، واستجوبوها، وانتقدوا الطريقة التي ترتدي بها النقاب. واضطرت رزان لتغطية وجهها بالكامل لتجنب أية متاعب.
وبعد مغادرة أعضاء التنظيم للمستشفى، رجع أحدهم وقال لها: “انج بحياتك، قبل أن يحاكموك أمام إحدى محاكم الشريعة”، وتقول رزان: “أدين له بحياتي. ما زلت لا أعلم لم ساعدني، لكنه أنقذ حياتي. غادرت المستشفى من باب خلفي، وطلبت من والدي أن يقلني. كنت أخشى أن يصيبونني بسوء. وذهبت إلى منزل أختي، ولم أعد إلى بيتي أو إلى المستشفى أبدا”.
وبعد عدة أيام، علمت رزان من أصدقائها أن أعضاء تنظيم “الدولة الإسلامية” سألوا عنها. “كنت أخشى القبض علي، أو الجلد، أو القتل”.
واستطاعت لاحقا أن تغادر البلاد باستخدام هوية امرأة أخرى. وتقول إن الرحلة إلى الحدود التركية كانت مروعة، “فما زلت أتذكر الجثث مقطوعة الرأس على الطريق. وكان في السيارة طفلان بكيا عند رؤيتهما هذ المشهد. وصُفّت الرؤوس على جانبي الطريق. كان مشهدا مروعا”.
“الحقيقة المرة”
وكانت رزان محظوظة بالحصول على تأشيرة للإقامة في بريطانيا. وهي تعيش بمأمن هناك، لكنها تخشى الكشف عن هويتها حتى لا يتعرض أقاربها للأذى.
وتقول رزان إنها مصرة على تحقيق حلمها باستكمال دراستها ودعم نشطاء المجتمع المدني في سوريا.
الحقيقة مُرّة بالنسبة لرزان والكثير من أبناء جيلها، الذين كانت لديهم آمال في إرساء الحرية والديمقراطية في سوريا. “أحلامي تختلف عن الحقيقة. العالم مشغول بالتصدي للدولة الإسلامية، ويتجاهل أصل المشكلة، وهو بشار الأسد”، وترى رزان أنها لن تعود إلى بلادها إلا بعد خروج الأسد من السلطة، “فأنا أحمل مفاتيح بيتي في سوريا. وأنا على يقين أنني سأستخدمها يوما ما، آمل أن يكون قريبا”.
نساء من بلجيكا
في اطار الموضوع أعلن وزير الخارجية البلجيكي، ديدييه رايندرز، والنيابة الفدرالية أن شابة بلجيكية اعتقلت لدى وصولها إلى بلجيكا بهدف استماع القضاء إلى اقوالها. وكانت الشابة طردتها تركيا بعدما اعترضتها الخميس لدى عودتها من سوريا مع صديقها وطفلها.
والشابة المتحدرة من شارلروا غادرت بلجيكا في 2014 مع طفلها البالغ أربعة أعوام، متوجهة إلى سوريا. وتم إبلاغ السلطات التركية باختفائها. وأوضحت النيابة الفدرالية أن “التحقيق كشف أنها غادرت بلجيكا مع طفلها، بعد أن التقت بصديق جديد، للتوجه إلى سوريا طوعا وسرا”، واعترضت السلطات التركية كلا من الشاب والشابة والطفل الخميس على الحدود مع سوريا. وأعيدت المرأة وطفلها إلى بلجيكا. بحسب فرانس برس.
وقالت النيابة الفدرالية: “لدى وصولها، اعتقلت الشرطة القضائية في شارلروا المرأة للاستماع إلى اقوالها بشأن اختفائها وإقامتها في سوريا لمدة ثمانية أشهر. وفي ختام جلسة الاستماع هذه، سيقرر قاضي التحقيق بشأن المتابعة التي ستتطلبها القضية مع الأخذ في الاعتبار عناصر الملف والوضع الصحي للشابة”.
وأوضح ديدييه رايندرز بحسب ما نقلت محطة الإذاعة والتلفزيون البلجيكية: “هناك بالتأكيد أسئلة ستطرح، لكننا سنستقبلهما خصوصا على أمل أن يكون الطفل في صحة جيدة. أما بشأن الأم، فسيكون هناك عدد من الأسئلة تطرح عليها”.
واعتقلت السلطات التركية صديق المرأة، وعلق رايندرز بالقول: “هناك تحقيق جار في تركيا بشان صديقها الذي توجه إلى سوريا بدوره وتابع بعض التدريبات وخصوصا على استخدام الأسلحة كما يبدو”. وأضاف: “ومن الطبيعي بالتالي معرفة ما هو الدور الذي اضطلع به. وسنرى من جهة أخرى ما إذا كان يتعين إجراء تحقيقات أيضا في بلجيكا”.
امراة شيشانية تخطف اطفالها
الى ذلك قالت النيابة الهولندية ان امراة شيشانية تعيش في هولندا اخذت طفليها الصغيرين رغما عن والدهما الهولندي لتنضم الى تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، في حالة يعتقد انها الاولى من نوعها، واضافت ان المراة وهي لاجئة تبلغ من العمر 32 عاما ولم يكشف عن اسمها، توجهت مع ابنها (8 سنوات) وابنتها (7 سنوات) الى اثينا من مطار شارليروا في بلجيكا في تشرين الثاني/نوفمبر باستخدام جوازات سفر يعتقد انها مزورة بعد ان ابلغ والدهما الهولندي الشرطة عن خشيته من مغادرتهم البلاد. بحسب فرانس برس.
وقالت اليزابيث كليبوكر المتحدثة باسم النيابة العامة لوكالة فرانس برس “من المرجح انها في سوريا الان. ونحن نحقق في هذه القضية على انها قضية خطف”، مضيفة انه تم اصدار مذكرة اعتقال دولية بحق المرأة.
وذكرت صحيفة ليمبورغر الهولندية ان صورا التقطت للمرأة وطفليها الهولنديين بينما كانت تسحب مبلغا ماليا من جهاز صرف الي في اسطنبول في منتصف كانون الاول/ديسمبر، وفي 28 كانون الاول/ديسمبر نشرت المراة على موقع فيسبوك صورة يعتقد انه التقطت في بلدة تل ابيض على الحدود التركية السورية والتي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية، وفي مطلع كانون الثاني/يناير اتصلت هاتفيا بوالدتها في مدينة ماستريخت الهولندية وابلغتها بانها في مدينة الرقة السورية معقل تنظيم الدولة الاسلامية، الا انه لم تسمع اية اخبار منها بعد ذلك، وقال المتحدث باسم جهاز النيابة العامة بارت دين هارتيغ “لقد اخذت تلك الام طفليها رغما عن زوجها السابق الذي له حق حضانة الطفلين”.
واضاف في تصريح لاذاعة ان او اس الحكومية “للاسف لا نستطيع عمل شيء اذا كانوا في سوريا”، والعام الماضي قال وزير الداخلية الهولندي رونالد بلاستيرك ان 160 شخصا على الاقل توجهوا الى هولندا للانضمام الى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، وتسعة من هؤلاء هم من مقاطعة ليمبورغ من بينهم ستة من مدينة ماستريخت، بحسب الاعلام، ومن بين هؤلاء فتاة اسمها عائشة انقذتها والدتها من سوريا العام الماضي بعد ان سافرت الى هناك للزواج من مقاتل جهادي.
إسبانيا: اعتقال أُمّ مغربية
اعتقلت السلطات الإسبانية امرأة مغربية يشتبه بأنها أرادت إرسال ابنيها التوأم (16 عاما)، للقتال إلى جانب الجهاديين في سوريا. وأفادت وزراة الداخلية الإسبانية أن الشقيقين كانا على اتصال مع شبكات تجنيد جهاديين. وكان شقيق لهم قتل في سوريا السنة الماضية.
وأصدرت محكمة إسبانية أمرا باحتجاز امرأة مغربية يشتبه بأنها حاولت إرسال ابنيها التوأم (16 عاما) إلى سوريا للمشاركة في القتال في صفوف الجهاديين بعد عام من مقتل ابنها الثالث هناك، وأمرت المحكمة الوطنية الإسبانية المكلفة بقضايا الإرهاب، باحتجاز المرأة في السجن للاشتباه بارتكابها جريمة التعاون مع منظمة إرهابية. بحسب فرانس برس.
وقالت وزارة الداخلية إن المراهقين كانا على اتصال مع شبكات تجنيد جهاديين ويعتقد أنهما كانا على وشك التوجه إلى سوريا عبر تركيا، وقالت المحكمة إن المرأة “رتبت لابنيها الإجراءات الضرورية للتوجه إلى منطقة نزاع”، كما وجهت المحكمة لزوج المرأة تهمة “التعاون مع منظمة إرهابية” إلا أنها أفرجت عنه بشرط تسليم جواز سفره وزيارة مركز للشرطة كل أسبوع أثناء إجراء التحقيقات، وسيقوم قاض محكمة أحداث بالتحقيق مع المراهقين.
وذكرت وزارة الداخلية أن الشقيقين كانا تحت المراقبة منذ توجه شقيقهما الثالث إلى سوريا حيث يعتقد أنه “انضم إلى جماعات جهادية مثل داعش، والذي قتل في 2014، وترك المراهقان (16 عاما) المدرسة الحكومية الإسبانية التي كانا يدرسان فيها القرآن في المغرب “وانغمسا في عملية التحول إلى التطرف”، بحسب وزارة الداخلية.
وكانت السلطات الإسبانية فككت خلال الأشهر القليلة الماضية العديد من الخلايا المتهمة بتجنيد المقاتلين للقتال في تنظيم “الدولة الإسلامية”، في الأراضي الإسبانية خاصة في جيبي مليلة وسبتة في شمال أفريقيا، ومنذ بداية العام اعتقلت السلطات الإسبانية 29 شخصا للاشتباه بأنهم من الجهاديين، كما منعت “نحو 50 مقاتلا أجنبيا” من مغادرة البلاد، بحسب ما صرح وزير الداخلية جورج فيرناديز دياز، وتقول السلطات الإسبانية إن نحو 100 إسباني انضموا إلى الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، وهو عدد صغير نسبيا، مقارنة مع آلاف الفرنسيين والبلجيكيين والألمان الذين توجهوا إلى الشرق الأوسط للقتال مع الإسلاميين.