نون والقلم

في انتظار القرارات الصعبة !

يدور حديث ساخن في مجتمعنا عن أننا على وشك مواجهة قرارات اقتصادية صعبة تطال حياة الطبقتين الوسطى والفقيرة تمشيا مع طلبات صندوق النقد الدولي والذي يسعى لتقديم المزيد من تسهيلات القروض وصولا الى تحفيز النمو الاقتصادي ، القرارات قد تشمل الغاء الدعم عن عدد من السلع والخدمات الاساسية ورفع العوائد الضريبة والغاء بعض الاعفاءات الجمركية، وعادة ما تترافق مثل تلك القرارات بتطمينات تقول أنها لن تمس الفقراء ومحدودي الدخل ومعدميه، لكن الحقائق التي نعيشها، وعشناها مع قرارات مشابهة لحكومات سابقة، تؤكد أن مثل هذه الوعود لا تعني شيئا، فنحن نعرف من بديهيات الحياة أن من يتأثر بأي صعوبات اقتصادية هم الفقراء عموما، لأن الغني لديه متسع من المال لاستيعاب أي تقليصات أو صعوبات متوقعة، فبوسعه مثلا أن يكتفي بشمة هوا واحدة في الخارج، أو تقليص شمة الهوا السنوية من أسبوعين إلى أسبوع مثلا، وبوسعه أيضا أن يكتفي بسيارتين للبيت بدلا من ثلاث، وهكذا فإن أي تقليصات في حياته اليومية لن تمس مستوى «رفاهيته» في حين أن من يدفع الثمن الحقيقي لأي قرارات جديدة، هو الفقر والمعدم، وبالطبع محدود الدخل، أو من لا دخل ثابتا له، وهذه الفئات هي السواد الأعظم من أبناء الشعب الأردني!

نستحضر هنا تصريحات لرئيس الوزراء السابق عبدالله النسور أطلقها بين يدي قرارات عام 2012 ووعد فيها بأن»70 % من الاردنيين لن يتأثروا برفع الأسعار « ، لكن الارتفاعات مست غالبية الشعب الاردني، (وهم الفئات التي ذكرناها آنفا) وسط ارتفاع خرافي بالدين العام الذي يبلغ الآن 26 مليار دينار!

تهيئة الرأي العام لتقبل القرارات الصعبة الموعودة، لن يكون بحشد المقالات وبيع الوهم، ولا بصرف تصريحات لا قيمة لها، حينما يعم الظلم يكون عدلا، وثمة متسع مما يمكن اتخاذه من إجراءات ممكن أن يهيء المواطن لأي صعوبات قادمة، فقط يتعين عليه أن يشعر أنه لن يدفع ثمن الصعوبة منفردا، كأن يشعر أن مستوى «رفاهية» كبار المسؤولين قل قليلا، تمشيا مع الصعوبات الاقتصادية، وهذه الرفاهية متعلقة – مثلا- بتقليل السفرات والمياومات، وخفض حركة السيارات الحكومية واقتصارها على المهمات الرسمية، والاقتصاد في الولائم الرسمية، وما يشبهها من إجراءات تعلمها الحكومة قبل غيرها، إن مثل هذه الأجواء إن سادت، يمكن أن تقنع المواطن العادي الذي سيدفع ثمن الصعوبات القادمة من قوت عياله، أنه لن يتحمل وحده عبء المرحلة القادمة، كما هو الحال دائما، وسيدفعه هذا لتقبل الأمر والتسليم به، أما إذا شعر أنه يحمل الحِمل كله، فهو بين خيارين، إما أن ينكسر ظهره، أو يأتي بفعل ما غير متوقع، لا يسر متخذي القرارات!

إن من يراقب الأحوال العامة في البلد، خاصة في الأسواق، يشهد ما يشبه الكارثة، حيث الشكوى عامة، والركود فتح ابواب العروض الخيالية على كل شيء، ومع هذا تجد أيام الحركة في الأسواق لا تتعدى اليوم أو اليومين، اللذين يتلوان يوم تسليم الرواتب، أما بقية الأيام فيكاد يقتصر النشاط على المخابز والمطاعم!

كلما سألت أحدا، قال لي: والله الأحوال صعبة، ترى إلى أين سنصل بهذه الصعوبة؟

إن استمرت الأوضاع العامة في سوئها على هذا المنوال، ودون اتخاذ إجراءات وقرارات إبداعية، فثمة خوف كبير بأننا مقبلون على امتحان صعب جدا جدا، أصعب بكثير من القرارات الصعبة المنتظرة !

 

أخبار ذات صلة

Back to top button