نون والقلم

تناقضات تيمية في القضية المهدوية !!

تناولنا في مقال سابق كيف إن [bctt tweet=”إبن تيمية ينفي وجود المهدي في آخر الزمان” via=”no”] وحصر عنوان المهدي والقضية المهدوية في زمن بني أمية وخلافتهم وكان ذلك في مقال ( ابن تيمية وإنكار القضية المهدوية ) وذكرنا الموارد التي أنكر فيها إبن تيمية أن يكون المهدي من آل البيت « عليهم السلام » وسوف نعيد ذكرها من أجل التمامية..

حيث قال إبن تيمية في منهاج السنة ج 8 / ص 170 « وهكذا كان فكان الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي, ثم تولى من اجتمع الناس عليه وصار له عز ومنعة : معاوية ، وابنه يزيد ، ثم عبد الملك، وأولاده الأربعة، وبينهم عمر بن عبد العزيز, وبعد ذلك حصل في دولة الإسلام من النقص ما هو باق إلى الآن، فإن بني أمية تولوا على جميع أرض الإسلام، وكانت الدولة في زمنهم عزيزة، والخليفة يدعى باسمه عبد الملك وسليمان، لا يعرفون عضد الدولة، ولا عز الدين، وبهاء الدين، وفلان الدين, وكان أحدهم هو الذي يصلي بالناس الصلوات الخمس، وفي المسجد يعقد الرايات، ويؤمر الأمراء، وإنما يسكن داره، لا يسكنون الحصون، ولا يحتجبون عن الرعية ».

ويقول في مورد آخر في منهاج السنة ج 8 / ص 173 -174 « ومن ظن أن هؤلاء الاثنى عشر هم الذين تعتقد الرافضة إمامتهم فهو في غاية الجهل، فإن هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلا علي بن أبي طالب، وأما سائر الأئمة غير علي فلم يكن لأحد منهم سيف، لا سيما المنتظر، بل هو عند من يقول بإمامته إما خائف عاجز، وإما هارب مختف من أكثر من أربعمائة سنة ».

وهنا نلاحظ إن إبن تيمية :

  • يجري إحصائية للخلفاء الإثنى عشر الذين بشر بهم النبي الخاتم محمد « صلى الله عليه وآله وسلم » والذين من بينهم المهدي, لكنه لم يأتِ على ذكره لا في آخر الزمان ولا في أي زمان بل حصر الأمر فقط بمن ذكرهم, ولا نعرف أين موقع المهدي من بين من ذكرهم حسب فكر ورأي إبن تيمية ؟!.

 

  • نلاحظ إنه ينفي أن يكون المهدي من ضمن الأئمة الإثنى عشر الذين يعتقد بهم الشيعة الإمامية الإثناء عشرية, بل هو ينفي أن يكونوا هؤلاء الإئمة هم من بشر بهم النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » وحصر الإمامة في بني أمية فقط, ونفى وحسب كلامه أن يكون هناك إماماً مهدياً في آخر الزمان كما هو واضح من كلامه وحصره للخلفاء المبشر بهم !.

وهنا سوف نذكر موقف آخر لإبن تيمية يذكر فيه الإمام المهدي ويصحح الحديث الذي يتناوله والذي ينكشف من خلاله عورة فكرية عند ابن تيمية ويكشف الحالة والعقدة النفسية التي يعيشها إبن تيمية من المهدي ومن مذهب التشيع, يقول إبن تيمية في منهاج السنة ج 8 / ص255 « الحديث « المهدي من عترتي من ولد فاطمة عليها السلام » رواه أبو داوود من طريق أبي سعيد وفيه « يملك الأرض سبع سنين » ويذكر إبن تيمية في الهامش تحت تسلسل رقم 3 « الحديث عن أم سلمة « رضي الله عنها » في سنن أب داوود 4 / 151 ( كتاب المهدي, الباب الأول ) الحديث رقم 4284, ورواه إبن ماجة مختصرا بلفظ « المهدي من ولد فاطمة عليها السلام » في سسنه : 2 / 1368 ( كتاب الفتن باب خروج المهدي ) وصححه الألباني في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» 1 / 108 وقال إن الحاكم أخرجه 4 / 557 ..إلخ » هذا نص ما قاله إبن تيمية…

وهنا لنا عدة تعليقات :

التعليق الأول : نسأل إبن تيمية قبل غيره, حسب هذا الحديث الصحيح من ذرية من يكون المهدي ؟ الجواب واضح وهو من ولد فاطمة « عليها السلام », وهنا نسأل مرة أخرى, إن كان من ولد فاطمة « عليها السلام », فهذا يعني إنه من الأئمة الإثنا عشر الذين يعتقد بإمامتهم الشيعة الإمامية, فهل عندك يا ابن تيمية غيرهم أئمة حتى تقول إن من يعتقد بأن هؤلاء الإثنى عشر هم المبشر بهم فهو غاية الجهل ؟ فها أنت تقول بأن المهدي من ولد فاطمة «عليها السلام » والأئمة الإثنى عشر هم من ولد فاطمة «عليها السلام », وهذا يعني انك تقر بأنك في غاية الجهل.

التعليق الثاني : لو سلمنا جدلاً بأن الحديث لم يتكلم عن أئمة الشيعة, فحسب الحديث الصحيح الذي تقول بصحته فإنه يبطل تلك الدعوى التي تنفي بها إمامة الأئمة الاثنى عشر لأنه شمل واحدا منهم على الأقل وهو المهدي الذي هو من ولد فاطمة «عليها السلام «, وهذا الأمر يتعارض مع ما نفيته سابقا بقولك « ومن ظن أن هؤلاء الاثنى عشر هم الذين تعتقد الرافضة إمامتهم فهو في غاية الجهل » هذا من جهة ومن جهة أخرى يبطل دعواك التي تحصر بها الخلافة والإمامة في الأمويين ومن ذكرتهم من اثنتا عشرة خليفة, حيث إن المهدي من ولد فاطمة « عليها السلام » وبني أمية ولا غيرهم ممن ذكرتهم, ليسوا من ولد فاطمة « عليها السلام », فكيف يتحقق أو تحقق ما تقوله بمن بشر بهم النبي من أثنتا عشر خليفة كلهم من قريش ؟! فمجرد أن يشذ واحد عن قولك ينفي قولك وطرحك كله ويذهب أدراج الرياح.

التعليق الثالث : حسب الحديث يتأكد للجميع بأن المهدي من ولد فاطمة « عليها السلام » أي من ولد الإمام علي « عليه السلام » سواء كان من ولد الإمام الحسين «عليه السلام » أو من ولد الإمام الحسن « عليه السلام » فالنتيجة واحدة وهي إن المهدي من ذرية الإمام علي « عليه السلام » وهذا وحده يبطل محاولات إبن تيمية بإبعاد الإمامة والخلافة عن آل البيت « سلام الله عليهم أجمعين » وإستبعاده بأن يكونوا ولد فاطمة « سلام الله عليها » هم الخلفاء لأنه على الأقل واحداً منهم قد بشر به النبي محمداً « صلى الله عليه وآله وسلم » وإن إبن تيمية من المنكرين لذلك لكن ما دفعه لتناول هذا الحديث هو من أجل أن يسجل نقضاً على الشيعة بخصوص إسم المهدي وإسم أبيه, أي جاء على ذكر هذا الحديث هو لغرض تسجيل النقض والإشكال والطعن في معتقدات الشيعة ولم يذكره من باب الإعتقاد به لأنه لو كان يعتقد بالمهدي فعلاً لما نفى أن يكون المهدي من الأئمة الإثنى عشر ولما حصر القضية في بني أمية الذين كان الإسلام عزيزاً ومنيعاً في زمنهم حسب كلامه !!.

التعليق الرابع : وهذا التعليق هو خاص بما ذكره المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني ضمن المحاضرة العاشرة من بحث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول ) والذي يثبت فيه المرجع الصرخي إن الولاية هي بآل البيت « عليهم السلام » أي الأئمة الإثنا عشر الذي ينفيهم إبن تيمية, حيث يقول المرجع الصرخي :

سادسًا: مِن معاني الاهتداء هو الاهتداء إلى ولاية أهل البيت «عليهم السلام» والاهتداء إلى الإمامة ومعرفة الإمام «عليه السلام»، وعلى هذا يأتي احتمال وترجيح أنّ حديث الرسول الأمين «عليه وعلى آله الصلاة والتسليم» كان عن ولاية أهل البيت الأطهار وعن الإمام وولاية الخليفة الإمام «عليه السلام»، ومِن هنا جاء التصنيف القرآني للمشمولين بالخطاب، فقابَل بين صنف الذين طبع على قلوبهم، وبين صنف الذين اهتدوا, لاحظ عندما نتحدث، قبل قليل ذكرنا عندنا توبة وعندنا إيمان، وعندنا عمل صالح، بعد هذا يأتي الاهتداء، إذن عندما يكون الحديث عن الاهتداء، قد سبق الاهتداء التوبة والإيمان والعمل الصالح، وقلنا: الكلام مع صحابة، يتحدث مع صحابة، يجلسون ويسمعون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمعون الكلام فيخرجون ويعترضون وينافقون ويجحدون ويكفرون ففي تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}. طه: 82:

أـ عن الطبري في تفسيره: وَقَالَ آخَرُونَ بمَا:… سَمعْت ثَابتًا الْبُنَانيّ يَقُول في قَوْله: {وَإنّي لَغَفَّار لمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَملَ صَالحًا ثُمَّ اهْتَدَى} قَالَ (ثابت): إلَى ولَايَة أَهْل بَيْت النَّبيّ “صَلَّى اللَّه عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ”.

لاحظ ولاية أهل البيت سلام الله عليهم تأتي بعد التوبة والإيمان والعمل الصالح، هي توفيق من الله سبحانه وتعالى، فمن رزقه الله أن يكون في عائلة، في مجتمع، في مكان، في أرض، في ولاية، تعتقد وتلتزم بولاية أهل البيت سلام الله عليهم بغض النظر عن عنوان تشيع أو تسنن، شيعة أو سنة، فهذه نعمة من الله، هذا فضل من الله، فعلينا أن نشكر النعمة، علينا أن نلتزم بنهج أهل البيت، علينا أن نلتزم بالولاية الصادقة التي أنعم الله بها علينا، أن نكون زينًا لهم لا شينًا عليهم …

ب- عن القرطبي في تفسيره:… (وقول ثامن { ثم اهتدى} في ولاية أهل بيت النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”؛ قاله ثابت البُنانيّ .)

سابعًا: إنّ طريقَ الإيمان والهداية والاهتداء والتقوى شامل ومستمر إلى يوم الدين، وهو يستلزم وجود الإمام الذي يتحقق به الاهتداء ثم زيادة الهدى والتقوى بتسديد الله ونعمه وفضلِه، ويؤكّده أو يضاف إليه تشريع وبقاء ودوام تشريع ولاية أهل بيت النبوة «عليهم الصلاة والسلام» إلى اليوم الموعود حتى قيام الساعة يعني عندما يأتي التشريع بولاية أهل البيت وبإتباع أهل البيت، وبمقارنة والإشارة إلى ملازمة أهل البيت للقرآن، ألا نحتاج إلى ملازم للقرآن في كل عصر وفي كل زمان لوجود القرآن في كل عصر وفي كل زمان؟!! فنحتاج إلى وجود الإمام، نحتاج إلى القرآن الناطق، نحتاج إلى المفسر للقرآن، نحتاج إلى من نرجع إليه عند الاختلاف ..

مسلم: فضائل الصحابة:… قَالَ (زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ): قَامَ رَسُولُ اللَّهِ “صلى الله عليه وآله وسلم” يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ {أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ}، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ {وَأَهْلُ بَيْتِى، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِى }.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى