بعد الربيع الذي لم يزهر غير الدم والشقاق ركزت الأنظار على منطقة الخليج، وطرحت تساؤلات كثيرة بين أطراف متعددة حول الأسباب التي منعت امتداد الخراب إلى دولنا.
وتكالبت قوى الشر علينا، ومعنا المغرب والأردن. أرادوها دماراً شاملاً للمنطقة كلها، ولكن الحكمة انتصرت في هذه الدول، وهي نفسها التي هزمت في دول أخرى. هناك غابت الحكمة وساد رأي الغوغاء المندفعين خلف الشعارات الكاذبة، وسقطت دول، وتمزقت دول، وكادت أن تنهار دول أخرى. ولولا حكمة رجال شرفاء في مصر وهبة شعب أحس بالخطر الداهم في 2013، لكانت «أم الدنيا» اليوم غارقة في بحر الشتات.
و[bctt tweet=”لم تيأس قوى الشر. حاولت بكل ما تملك من وسائل تمزيق الصف الخليجي” via=”no”]، هم وصلوا إلى قناعة بأن قوة الخليج واستقراره تسند الدول الأخرى التي صمدت في وجه ذلك الربيع، واستخدم المكر بعد أن فقدوا الأمل في شعوبنا الواعية، قالوا إن الخديعة خير سلاح.
فالصفوف متراصة هنا، والديار متوحدة على قلوب رجال منحوا الثقة فكانوا أهلاً لها، فبثوا طوابيرهم الخامسة، وتحركت خلاياهم المعدة سلفاً، وبعيداً عن الولاء للوطن والأرض والتراب قاموا بأدوار وسط أهلهم وناسهم، وضربوا الأسافين، وأثروا على وحدة الصف والكلمة بين دول مجلس التعاون، وكادوا أن ينجحوا في بعض المحاولات، وأحدثوا تنافراً حول بعض القضايا، وليس خلافاً في الرأي أو الأسلوب.
واندفعت قوى الشر في صب الزيت على النار، فعادت الحكمة من جديد لتحسم الأمر، حكمة قادة دول مجلس التعاون. ونظف الثوب الخليجي من بقع سوداء نثرتها تلك القوى المتربصة بنا، فقد رأى الحكماء أن قوتنا في التقاء كلمتنا عند الثوابت، وأن بقاءنا في اجتماع رأينا على الضرورات، فعادت اللحمة من جديد، زالت الشوائب، ونظف البيت من الداخل.
لن يسكت الأشرار، نحن نعلم ذلك، فهم يستهدفون كل بقعة عربية، ويعملون على تحطيم السد الخليجي المنيع الذي أفشل مخططاتهم، ولم تتوقف محاولاتهم، وكان آخرها ظهور أصوات تشكك في الهوية الخليجية، بل وتدّعي أن مستوى الاقتناع بها بدأ يضعف، وهذا قول منافٍ للحقيقة.