جاءت هذه الحكومة أساساً لمهمة محددة كما يكرر رئيسها تمام سلام دائماً، اي انتخاب رئيس جديد للجمهورية بما يجعلها مستقيلة بحكم الدستور. لم يكن أحد يظن انها ستتحوّل بمثابة طوق النجاة الوحيد والأخير الذي تتعربط به الجمهورية وسط بحر هائج من المشاكل التي قد تدفنها في الفوضى والانهيار.
عندما يشكو سلام من ان التراكم هو الذي أدى الى الوضع المأسوي فذلك صحيح تماماً لأن حكومته مطالبة بمعالجة مشكلات قديمة وأزمات مصيرية مزمنة تواجه لبنان في حين انها ممزقة داخلياً، خصوصاً ان تعطيل انتخاب رئيس جديد أطلق اجتهاداً تخريبياً مفاده ان كل وزير فيها هو من غير شرّ رئيس أو مؤتمن على صلاحيات الرئيس [تَشرَّفنا أو بالأحرى تَشرشحنا].
وهكذا ينزلق البلد الى الخراب الذي يبدو انه لن يتوقف قبل ان يصبح المؤتمر التأسيسي مطلباً وطنياً لوقف الانهيار والفوضى، كما يرى بعض القوى السياسية ومنها تحديداً اولئك الذين يقرعون طبول حقوق المسيحيين الضائعة واستعادة عود الصليب، وفي المثالثة التي ستغلب كفتها على ما يبدو في أي مؤتمر تأسيسي، لن تعود حقوق المسيحيين بل ستنقص من النصف الى الثلث وأقول سلفاً لمن يظنون أنهم جنود مريم: صحتين أيها الأذكياء جداً بنعمة الله سبحانه وتعالى!
لن يكون في وسع من تُكّتف يديه وتلقيه في الماء ان يعوم وحكومة سلام التي يكتفها التعطيل منذ البداية لن تتمكن من ان تحل طوفان المشاكل المتراكمة والطارئة وفي مقدمها موضوع النفايات، ولكن منذ البداية تبيّن ان الذين يشرفون على ملف النفايات غافلون أو جائعون، ففي دفتر الشروط تناقض فاضح لجهة تعهّد الدولة تأمين المكبات للشركات العاجزة عن تأمينها، في حين ان المشكلة انفجرت على خلفية اقفال مكب الناعمة وعدم قدرة الدولة على تأمين مكبات بديلة.
ومع انفجار الأزمة سال لعاب القطط التي تعرف جيداً ان “سوكلين” كانت تحصل سنوياً على مبلغ يتجاوز ٢٠٠ مليون دولار، فهجمت ورتبت بالتكافل والتضامن بمعرفة الحكومة أو من وراء ظهرها عملية تقاسم لضعفي هذا المبلغ أي أكثر من ٤٠٠ مليون، ما يشكل فضيحة موصوفة تراجعت عنها الحكومة فوراً، لكن الغريب ان يكون محمد المشنوق دافع عن هذه المبالغ عندما أعلن فضّ العروض ثم تراجع بعدما علت الصرخة حتى من الذين يرعَون القطط!
كان من المضحك الحديث عن اجراء “عملية مناقصة” للزبالة لأن ما حصل كان بمثابة “عملية مزايدة” تم ترتيب ارقامها بين “المتنافسين” الذين يرى البعض انهم شركاء مضاربون من وراء ظهر الحكومة أو بمعرفة بعض دهاقنتها، وفي النهاية نحن امام نقيصة زبّالية لا أمام مناقصة… مفهوم؟
نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية