نون والقلم

انسداد الأفق وتغيير قواعد اللعبة

يحني الفلسطينيون هاماتهم لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني القاضي سليم الزعنون على اصراره في التمسك بمكانته كرئيس للشرعية الدستورية، ومنفذ أمين لمضمون ونص النظام الاساسي لمنظمة التحرير، في وقت يواجه الشعب العربي الفلسطيني تحديات متعددة تكاد تعصف بما حققه النضال الفلسطيني عبر فصائله وشخصياته المقاومة من انجازات خلال عشرات السنين . فقد تحفظ رئيس المجلس الوطني الفلسطيني على عقد دورة غير عادية للمجلس قبل فحص عقد الدورة العادية الواجبة النفاذ، قبل الانتقال لقراءة عوامل القوة القاهرة باتجاه عقد دورة غير عادية، ورفض مطالبة المستقيلين بانتخاب لجنة تنفيذية جديدة خلال دورة غير عادية للمجلس الوطني، لأن نص النظام الاساسي لمنظمة التحرير، في الباب الثالث – اللجنة التنفيذية – المادة 14 – فقرة ب – تقول حرفياً “ اذا كانت الحالات الشاغرة تساوي ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية أو أكثر يتم ملؤها من قبل المجلس الوطني في جلسة خاصة يُدعي لها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً “ . المستقيلون أرادوا الذهاب نحو تطبيق المادة 14 فقرة ج  والتي تقول حرفياً “ في حالة القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني تتم الدعوة الى اجتماع غير عادي ويتم ملء الشواغر لأي من الحالتين السابقتين من قبل اللجنة التنفيذية ومكتب رئاسة المجلس ومن يستطيع الحضور من أعضاء المجلس وذلك في مجلس مشترك يتم بهذا الغرض ويكون اختيار الاعضاء الجدد باغلبية أصوات الحاضرين “ . ولكن أهداف ومرامي ورغبات المستقيلين في عقد دورة غير عادية أسوة بما حصل في دورة 26 أب 2009 وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة  يصطدمون بنص نفس المادة الفقرة – ب – التي تنص على “ اذا كانت الحالات الشاغرة تساوي ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية أو أكثر ( لاحظ أو أكثر ) يتم ملؤها ( لاحظ ملؤها ) من قبل المجلس الوطني في جلسة خاصة .. “ وطالما أن الاستقالات طالت أكثر من الثلث، فهذا يعني امكانية عقد دورة غير عادية وجلسة خاصة، ولكن بوضوح بالغ بهدف “ ملء الشواغر “ فقط وليس انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، فالنص واضح لا لُبس ولا مواربة في صياغته، الامر الذي يتعذر انتخاب لجنة تنفيذية جديدة الا اذا استقال كامل أعضاء اللجنة التنفيذية 18، واذا تحدث البعض عن أن استقالة رئيس اللجنة التنفيذية تذهب نحو وجوب استقالة كل أعضاء اللجنة التنفيذية، فالمادة 13 من النظام الاساسي الباب الثالث – اللجنة التنفيذية تنص “ يتم انتخاب جميع أعضاء اللجنة التنفيذية من قبل المجلس الوطني “ والفقرة – ب – تقول “ يتم انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية من قبل اللجنة “ ولهذا حتى ولو استقال الرئيس، يتم انتخاب رئيس بديل عنه من قبل اللجنة التنفيذية فقط، لأنه غير منتخب من المجلس الوطني بصفته رئيساً، بل تم انتخابه بصفته عضواً من أعضاء اللجنة التنفيذية وليس بصفته رئيساً لها . وبالاعتماد على نصوص النظام الاساسي للمنظمة، واللائحة الداخلية للمجلس الوطني الفلسطيني، فالحامي لها، والمتمسك بها، والراعي لتطبيقاتها هو رئيس المجلس نفسه، بصفته رئيساً منتخباً من قبل المجلس في دورة عادية، وهذا مصدر قوته، وبصفته عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح، التي لا يزال يُنظر لها بصفتها صاحبة المشروع الوطني الفلسطيني والمبادرة له، وبصفته أحد المؤسسين الاوائل لحركة فتح، ورفيقاً مساهماً مع الشهداء ياسر عرفات وخليل الوزير وصلاح خلف، وهذا مصدر قوته المعنوية والاخلاقية والسياسية . في فقه القانون يُقال لا اجتهاد في النص، والنص واضح، أن الدورة غير العادية يقتصر جدول أعمالها على “ ملء الشاغر “ وليس انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، رغم أن التغيير والتبديل والتطوير سمة أساسية بل وواجبة للمؤسسات، خاصة في ظل الفشل المتكرر والاخفاقات المتواصلة وعدم القدرة على اختراق المعيقات القائمة أمام مسيرة الشعب العربي الفلسطيني رغم صموده وتضحياته ولكنه يصطدم بالفشل والاخفاق مما يستوجب التغيير والتبديل والتطوير، ولكن السؤال ممن وكيف ؟؟ . الاجتهاد يقول، والخبرات تقول أن البداية يجب أن تبدأ من حركة فتح نفسها، بعقد مؤتمرها الوطني وانتخاب مؤسساتها الداخلية وتوحيد صفوفها والانتقال من ثم نحو الكل الفلسطيني، بقيادة جديدة منتخبة، تحمل أفاق  التحدي، وببرنامج سياسي جديد يعكس فهم المستجدات ومتطلبات المرحلة، طالما أن الطريق مسدود أمام استكمال محطات أوسلو وتبعاتها وفشلها، وأن الواقع تجاوزها ويحتاج لرؤية وقيادة تستجيب للتعامل مع المستجدات وشروطها وشروط النضال الوطني، في مواجهة التحديات وفي طليعتها 1- مشروع الاحتلال والاستعمار الاسرائيلي التوسعي العنصري المتطرف، و2- مشروع الانقلاب والانقسام الذي تقوده حركة حماس عبر التفرد والتسلط والاحادية، وضد الوحدة والتحالف والتماسك الجبهوي والتعددية، بل وضد مصلحة المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني برمته . اذن الخلاف داخل المؤسسة الفلسطينية الشرعية الواحدة، لا يعكس فقط الاجتهاد في فهم النص أو في تطبيق النص، بل الخلاف يقع نتيجة اختلاف الرؤية في التعامل مع الاولويات، وهي أولويات سياسية ووطنية بالاساس، ولذلك الخلاف سياسي بامتياز ولكنه خلاف سياسي داخل الفريق الواحد، وفي التدقيق بأسماء الذين تم الاطاحة بهم أو تم استبعادهم أو تم الخلاف معهم، نجدهم  أنهم سياسياً وتنظيمياً من الفريق الواحد الذي تعددت الرؤية لديه والاجتهاد عنده في كيفية مواجهة التحديات السياسية المتفاقمة والتي أدت الى الفشل والاخفاق وانسداد الافق وضرورة تغيير قواعد اللعبة. –

نقلا عن صحيفة الدستور الأردنية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى