خلاف بين قبيلتين في مدينة «سبها» الليبية قتل فيه 16 شخصاً، وجرح فيه 50 آخرون، بعد أربعة أيام من الاقتتال استخدمت فيه الدبابات والأسلحة الثقيلة.
قبل الربيع المدمر كانت قبائل ليبيا متآلفة ومتآخية، تربطها وشائج قربى ونسب، الخلافات تحكمها قوانين وطنية، والكل يخضع لها، الظالم والمظلوم، المعتدي والمعتدى عليه، حتى تشرذمت ليبيا، وحلت النعرات مكان الانتماء، وتلاعب أمراء الحروب بعقول الشباب، واستغلوا اندفاعهم وسط الفراغ الأمني وازدواج الحكومات وانتشار الميليشيات، فأصبح كل فصيل حاكماً لمنطقة، وكل عشيرة أو قبيلة سيدة الأرض التي تقف عليها، وأصبح الدم رخيصاً!!
لم يكن الخلاف بين القبيلتين على سلطة أو بقعة أرض، ولم يكن النفوذ والتعدي على حقوق الآخرين سبباً لذلك النزاع، كما لم تكن الآراء السياسية أو الدينية وراء تحريك الدبابات وحصد الأرواح، لا، كل ذلك ليس سبباً كافياً للاقتتال، ولكنه القرد، أي والله، إنه القرد، الحيوان الذي لا عقل له ولا يسأل عن تصرفاته!!
والحكاية كما تروى تقول، إن قرداً يملكه أحد أبناء قبيلة هي الأكبر في المدينة هاجم فتيات عائدات من المدرسة، إنه قرد، أراد أن يلعب، فقد تعود على مداعبة الإنسان، ومزح مع طالبة من القبيلة الأخرى التي تعتبر الثانية حجماً في المدينة، ونزع القرد حجاب الفتاة، وثارت الدماء في العروق، ونودي بين الرجال، رجال القبيلة بمقولة «لا يسلم الشرف الرفيع…»، ورفعت الأسلحة في هجمة منظمة على المعتدي، وقتل ثلاثة أشخاص من القبيلة الأولى.
ويكمل الراوي بأن الدبابات تحركت في اليوم التالي، أصبح هناك ثأر، وتواجه أهل المدينة الواحدة، وتساقطت القيم الإنسانية والتعاليم الدينية، وفشل شيوخ القبيلتين في التدخل، ومات العقل تحت ضغط الجهل، فسقط 16 قتيلاً و50 جريحاً، وقتل القرد أيضاً!!
[bctt tweet=”إنها حكاية آخر الزمان ، إن رويت بعد مائة عام لن يصدقها أحد” via=”no”]، ولكنها حدثت في الشهر الحادي عشر من عام 2016، في زمن التيه واختلاط المفاهيم، هكذا سيقول التاريخ.