يستطيع لبنان أن يعلن تفرّده وتميّزه بالنسبة إلى المقارنة بين ديموقراطيّته التي يمكن تسميتها «ديموقراطيّة الحصص»، وديموقراطيّات أوروبا وأميركا وبلدان أخرى.
ويبدو أنّه أُضيف إلى الحصص وصف آخر يشدِّد على «النوعيَّة»، سواء في حقل « السياديّة » التي تحتاج إلى ترجمة دقيقة، وبحث عن مصدرها، وكيف كُرِّست من دون أن يرد ذكرها لا في الدستور، ولا في المواثيق أو الاتفاقات.
فجأة صحونا من النوم وجدنا «الميثاقيَّة» تحتل المانشيت في بعض الصحف. ويسري مفعولها سريان النار في الهشيم.
– خير إن شاء الله، ما قصّة هذه «الميثاقيّة»، ومن اخترعها، وما دورها، وما مطرحها من الاعراب؟
[bctt tweet=”ما بين طرفة عين والتفاتتها أصبحت «السياديَّة» سائدة” via=”no”]، وتحمل معناها وتأثيرها في نطاق الوزارات التي «تبيض» ذهباً، أو تلك التي لُقِّبت بـ«البقرة الحلوب»، والتي لا يجفٌّ لها ضرع…
وفقاً لما عليه الوضع التأليفي حتى الآن، يمكن الاستنتاج أن العقبة الواقفة في طريق قطار التأليف هي من أخوات «السياديّة» و«النوعيّة» و«الكميّة». في هذه المرحلة الشديدة الحساسيّة التي يمر بها لبنان والمنطقة بصورة خاصة وعامّة، لم تتمكَّن المداخلات والمساعي الحميدة من تسجيل نجاح كبير في حقل «الجوهريّة» و«المصيريّة» من الحقائب «الوازنة» والشديدة الأهميّة.
كلُّ مرجع أو ذي تأثير يصرُّ على حصّته من «السياديّة»، وعلى «نوع» خاص منها. وإلّا فلا موافقة ولا تسهيلات. وعلى أساس كل واحد يا ربّ نفسي. أو من بعد حماري ما ينبت حشيش. المهم الحصول على حصّة من «السياديّة»، مع شرط واضح مفاده أن تكون من بائضات الذهب.
هذه المشكلة بالذات حاصرت الرئيس تمّام سلام عشرة أشهر، وإن كان البعض يميل الى ربط المسؤوليّة في تلك الفترة بإرادات خارجيّة بينها إيران، ومنها انطلقت فوعة الحصول على حصة الأسد من «السياديّة». ولا شيء يمنع أو ينفي أن يكون خلف الدوران الجديد في حقل التأليف «شيء» بذاك المعنى أيضاً.
وانطلاقاً من الاقتناع السائد أن لا شيء يخلو من هذا أو ذاك، وأحياناً لأسباب مجهولة، فإن أصحاب المعرفة والتجربة والقدرة، لن يدعوا الرئيس سعد الحريري يقلّع شوكه بيديه وحيداً، بل سيدخلون على خط بيض الذهب والبقرة الحلوب بكل ما يملكون من تأثير، تحقيقاً لرغبة واسعة النطاق، خلاصتها تأليف الحكومة الحريريّة قبل عيد الاستقلال.
صحيح أن البعض بات يخشى انتقال البلد من الفراغ الرئاسي إلى الفراغ الحكومي، باعتبار أن أسواق الهواجس تفتح أربعاً وعشرين ساعة على أربع وعشرين، غير أن جميع القوى المؤثّرة تضع ثقلها في كفّة التأليف… مع مراعاة حكاية ابريق «السياديّة»، لا ابريق الزيت.
ليست هي المرّة الأولى التي يبرز فيها «دور» عشّاق البقرة الحلوب ورفاقهم عشّاق تلك التي تبيض ذهباً… فهل تكون الأخيرة؟