نستطيع أن نشكل تكتلاً قوياً وسط هذا العالم المتلاطمة أمواجه، الأرض غير مستقرة، والسياسة قائمة على المصالح، والاقتصاد تتلاعب به بضع مؤسسات مالية، والسلاح يقدم لنا مقابل «إتاوات» وشروط وابتزاز علني، والطامعون فينا وفي ثرواتنا وأراضينا استطالت أنيابهم وتحولوا إلى وحوش.
نحن نملك كلّ المقومات، المكان والمكانة والثروة، ولدينا قاعدة أسسناها منذ ثلاثة عقود ونصف، ركيزة واجهنا بها الأحداث التي مرت بمنطقتنا منذ 1981 وحتى الآن، بكلمة واحدة وموقف واحد.
كان ولايزال مجلس التعاون لدول الخليج العربية صمام الأمان، ولا تسمعوا كلام المشككين، فهؤلاء تحركهم أجندات مرسومة من الآخرين، حتى لو لبسوا مثلنا، وتحدثوا لغتنا، رؤيتهم ضيقة، ونفوسهم ضعيفة.
دعوة الأمير محمد بن سلمان في الاجتماع الأول لهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية بدول مجلس التعاون لم تأتِ من فراغ، فالظروف التي تحيط بنا تستدعي بناء تكتل اقتصادي خليجي، فنحن مجتمعون نختلف اختلافاً كلياً عن وضعنا ونحن متفرقون.
ولم تكن لنا كلمة مسموعة في يوم من الأيام إلا عندما وحدنا مواقفنا، ولم نكن ضعافاً إلا عندما تفرقنا، كل دولة في اتجاه، وأقصد هنا الجوانب السياسية والاقتصادية، يوم سمحنا لدول أجنبية بأن تشق صفوفنا.
وفهمنا السيادة الوطنية بشكل خاطئ، وأقمنا مشاريع اقتصادية تنافس بعضها البعض، تبعنا أوهاماً زرعها من لا يريدون الخير لنا، تيارات وتنظيمات وأصوات مزروعة بيننا تدق الأسافين، وننجرف معها، بل خلفها، لتدخلنا في متاهات.
نستطيع أن نكون سادس اقتصاد في العالم، وأن نكون شركاء في رسم السياسات الدولية، وأن نخرج من قيد النفط، وننوع مداخيلنا، ونقضي على البطالة في بعض دولنا، فنحن نملك مقومات القوة، ونحتاج فقط إلى رؤية مستقبلية.
وبها نستطيع صيانة إنجازاتنا، وعلى رأسها الأمن والاستقرار وسلامة شعوبنا، وهذه الرؤية لن تتم إلا إذا تولدت قناعة لدى دولنا بأن وجودنا في صف واحد هو السد الذي سنواجه به الآخرين، وخاصة الطامعين.