وجهت الحكومة العراقية، للحكومة دعوة لزيارة العراق، وهي زيارة منتظرة، وسبقتها زيارات لعدد من رؤساء الحكومات في الاردن، منذ عام 2003، فالاردن اعترف بالعراق الجديد ولم يعاديه.
بغداد الرسمية منشغلة اليوم، بمعارك الموصل، وهذا يفسر ان الزيارة لم تتم حتى الان، وفي كل الاحوال، لاتبدو بغداد الرسمية، مهتمة كثيرا، بتحسين العلاقات مع جوارها العربي، لاعتبارات كثيرة، ابسطها، مشاكل العراق الداخلية، ووجود مواقف مسبقة، لها علاقة بتقييمات مرحلة صدام حسين، ثم العلاقة العراقية الايرانية، وتداعياتها على علاقات بغداد مع دول عربية، هذا على الرغم من مؤشرات حسن النوايا التي تصاغ دبلوماسيا، ويتم تداولها اعلاميا.
في كل الزيارات السابقة، تم تشكيل لجان، واثارة ملفات اقتصادية ومالية وامنية، واغلب الملفات المهمة بقيت عالقة، فالاردن يطالب العراق بمبلغ مالي يصل الى مليار دينار اردني، من زمن صدام حسين، والحكومات العراقية لاتدفع المبلغ، كما ان اتفاقات سابقة، تتعلق بمد خط نفط من العراق الى الاردن، مازالت حبرا على ورق، يضاف الى ماسبق، مطالبات لافراد في الاردن، بخصوص مبالغ مالية لم يدفعها العراق، والقضايا لاتقف عند حدود الاقتصاد والمال، بل تمتد الى ملفات اخرى، مثل النقل، والحدود،ودخول الاردنيين والعراقيين للبلدين، والاستثمار،وغير ذلك.
تتحسس عمان الرسمية، ودون ان تعلن، من تحويل الزيارات الى مجرد زيارات شكلية، لاتؤدي الى نتائج فعلية، وعلى الرغم من التنسيق الامني والعسكري، في ملفات كثيرة تتعلق بالارهاب والحدود والتدريب، الا ان العلاقة لاتتطور كما يجب، اذ هناك ايضا قوى عراقية معادية للاردن في البرلمان العراقي، ومن جانب قوى سياسية، تمانع في تطوير هذه العلاقات، لاعتبارات مختلفة.
الاردن حاول منذ عام 2003 ان ينفتح على العراق الجديد، لكن كل هذه المحاولات لم تؤد الى النتائج المرجوة، اذ بقيت ظلال مرحلة صدام حسين تلاحق هذه العلاقة، كما ان تداعيات العلاقة بين الاردن وايران، من جهة، والاردن مع المحور العربي السني من جهة اخرى، لاتغيب عن هذه العلاقة، ويبدو واضحا، ان العلاقة تدار بالشكوك والظنون، وتحت حسابات معقدة جدا، خصوصا، حين لايتم تحويل «الشعارات الجميلة» الى واقع.
في كل الاحوال، لايمكن ان تبقى العلاقة مع العراق، في هذه المستويات، لاعتبارات الجوار الجغرافي والتاريخ، فلابد ان تتحسن هذه العلاقة، من اجل الطرفين، هذا اذا امتلكت بغداد حصرا، القدرة على التخلص من حساباتها ومرجعياتها التي تقيدها، واذا استطاع العراق ايضا، ان يتفرغ قليلا لعلاقاته الخارجية، في ظل مشاكل الداخل التي تعصف به بقوة هذه الايام.
لاينظر الاردن الى العراق، من الزاوية الاقتصادية وحسب، بل ان هناك ملفات عميقة، لايتم اشهارها، تتعلق ايضا، بطريقة ادارة الشأن العراقي، وتاثير ذلك على الاردن، من زوايا تتعلق بالحدود وغرب العراق، وأوضاع السنة في هذه المناطق، ومايمكن ان يتأثر به الاردن، في حالات محددة تؤدي الى تصدير الاخطار الى الاردن عبر الحدود، او تدفق موجات اللاجئين في مراحل معينة، ولايمكن هنا، ان يتم فصل الاردن عن هذه الملفات، جراء التداخل بين البلدين، من حيث التأثير.
الزيارة المرتقبة، لم يعلن موعدها بعد، لكن الافتراض يقول ان هكذا زيارة يجب ان تكون منتجة للطرفين، لاعتبارات كثيرة، والا فأن تكرار الزيارات دون نتائج، يبدو ضربا من الدبلوماسية العاطفية، في زمن تعصف بالمنطقة ازمات لاتحتمل الا تسوية كل الحسابات العالقة.
36 2 minutes read