نون والقلم

«الوحل» يدخل البيت الأبيض؟

اللغط الذي أُثير في نيفادا يوم الأحد عندما غادر دونالد ترامب منصة الاحتفال مسرعاً يحوط بهه رجال الأمن، أثار التعاطف معه في الساعات الحاسمة من الانتخابات الأميركية، فقد كان هناك دائماً خوف من حصول اي عمل ارهابي عشية بدء الاقتراع يتحوّل رافعة لمصلحة ترامب، الذي يواجه هيلاري كلينتون اليوم الثلثاء متساوياً واياها في فرص الفوز، بعد النزف الكبير الذي ضرب حملتها نتيجة اعادة “الأف بي آي” التحقيق في بريدها الالكتروني الذي كان يمكن ان يجعلها تواجه محاكمة جنائية!

انتخابات اليوم تجري في جو من عدم اليقين وانعدام الوضوح، حتى الولايات المتأرجحة وهي مسرح المنافسات الأخيرة لم ترجح كفة على كفة، واستمر الغموض بعد التصويت المبكر لأكثر من ٢٣ مليون ناخب، وهكذا اعطت “الواشنطن بوست” وشبكة “أي بي أس” ترامب نقطة أمام كلينتون، في حين تعطي “النيويورك تايمس” وشبكة “سي بي اس” كلينتون خمس نقاط امام ترامب!
أفضل ما قرأته على امتداد الحملة الانتخابية الهابطة التي تحولت تراشقاً بالفضائح والوحول وذهبت بعيداً في تقديم شريط العيوب الشخصية والمساوئ المسلكية على الملفات السياسية والاقتصادية المهمة، هو قول أحد المحاضرين في الجامعة الأميركية بواشنطن: “المأساة ان واحداً منهما سيكون الرئيس”!
ليس مستغرباً أن يكون ترامب خاض حملة شديدة الابتذال جاءت مفعمة بمعاداة اللاتينيين والسود والعرب والنساء، لكن كلينتون زادتها ابتذالاً بتركيزها على كيل الاتهامات الجنسية الى منافسها، الذي سرعان ما رد باستحضار مغامرات زوجها بيل كلينتون مع مونيكا ليوينسكي وغيرها، اضافة الى التركيز على “سجل آل كلينتون المفعم بالأكاذيب والخداع” كما قال مسؤولون أميركيون، بعدما فكّر الحزب الديموقراطي في دعوتها الى التنحي، عندما فتح “الأف بي آي” التحقيق في بريدها الالكتروني!
غثاثة المعركة الانتخابية والنقاشات المبتذلة في مرحلة حساسة جداً، شكلت خيبة للكثيرين، وخصوصاً بعد انحسار الحضور الأميركي عن المسرح الدولي من أوكرانيا الى سوريا، اضافة الى التحديات الارهابية والفشل الصارخ في فلسطين، والعلاقات الفاترة داخل الأسرة الأطلسية. كل هذا كان يفرض ان ترقى المنافسة الى مستوى هذه الملفات الكبيرة، لكننا شهدنا استعراضاً فضائحياً دفع البعض في واشنطن الى الحديث صراحة عن ان النظام السياسي الأميركي ينهار، وانه يتداعى منذ زمن، ورجال النخبة في الجامعات والمؤسسات البحثية يشعرون بالخوف، ويعتبرون ان صعود ترامب الى حيث وصل من مظاهر هذا الانهيار، كما ان فساد كلينتون وزوجها من هذه الأسباب أيضاً! يوم السبت الماضي اختصرت مجلة “دير شبيغل” المحترمة المشهد عندما نشرت غلافاً بعنوان “الرئيس المقبل” مع صورة لوجهي كلينتون وترامب ملوثين بالوحل… ليس غريباً، كانت معركة انتخابية مُوحِلة جداً وهذا الوحل سيدخل البيت الأبيض، وهذه ليست أميركا!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى