هناك من يقول بأن السياسة الأميركية ثابتة ومستقرة، ولا تخضع للرئيس وأهوائه أو ميوله، فحركة الرئيس محدودة جداً، والقرارات تمر عبر قنوات رسمية، ظاهرة وسرية، ودولة بهذا الحجم لا يمكن أن تكون خاضعة للتقلبات الانتخابية.
ذلك الرأي يرد على تخوفنا من دونالد ترامب، ويريد أصحابه أن يوصلوا رسالة مفادها أن «حكومات الظل» أو إداراتها هي التي تدير الشأن الأميركي، ربما ليخففوا من وقع الصدمة إذا ما خسرت هيلاري وتسلم ترامب مفاتيح البيت الأبيض والترسانة النووية، وأصبح صاحب الكلمة الحاسمة في شن الحروب أو غزو الدول، ورغم قناعتنا بأن الولايات المتحدة دولة مؤسسات، ولديها مراكز لصنع القرار، وهيئات للموافقة على أي إجراء مرتبط بالأمن القومي، وأن الرئيس له تأثير ضئيل على الثوابت، ويمكن أن يعارض أو يمنع من اتخاذ بعض الإجراءات غير المدروسة والمتسرعة، ولكن تلك النسبة الضئيلة أو المحدودة ليست هيّنة، ولا يمكن تجاهلها، ولدينا «أوباما» مثالاً.
فهذا الرجل عكس السياسة الأميركية تجاه إيران، مقابل اتفاق حول السلاح النووي الذي لم يكن موجوداً، وسيخرج من البيت الأبيض وإيران تتلاعب في المنطقة، وتحت عين الولايات المتحدة، بل إن إيران حليف للولايات المتحدة في بعض مناطق الصراع، تنازل «أوباما» كثيراً، وحققت إيران مكاسب لم تكن تحلم بها، فهل كان الرئيس مؤثراً أم لا؟
ذلك هو السؤال الذي يجب أن نطرحه، لا أن نستهين بدور الرئيس الأميركي، فهؤلاء يشتغلون في السياسة، من يفهمها ومن لا يفهمها، وهنا تكمن المصيبة، مع شخص مثل دونالد ترامب يمكن أن تباع المواقف وتشترى. فالرجل تحكمه خلفيته، وهو، ومن غير حسد، رجل ضليع في السمسرة، مهنته الوحيدة التي يعرفها هي البيع والشراء، هي الربح والخسارة، هي المصلحة الشخصية، وهو حسب تاريخه «عاشق نفسه»، ومن أصيب بمثل هذا الداء، داء الاعتداد بالنفس، يمكن أن يدمر كل شيء أمامه ليتفاخر أو يسجل في سجلات التاريخ!!