آخر ما كان يتوقعه الجميع أن يأتي يوم يصبح فيه المصلون والأئمة مراقبون في بيوت الله، كأنهم سيخشون الكاميرات الموضوعة فوق رؤوسهم لمراقبة أفعالهم وأقوالهم ولا يخشون الله.
قرارات غريبة اتخذتها دول عربية لمراقبة المساجد والأئمة والخطباء بحجة إحكام السيطرة على الخطاب الديني وحماية المنهج الإسلامي، ومواجهة الفكر المتطرف والإرهابي.
القرارات أثارت جدلاً كبيرأ بين المؤيدين والمعارضين للفكرة، فالبعض يرى أن الهدف الكامن خلف هذه القرارات هو حماية رؤساء وملوك الدول أنفسهم من خلال ضمان عدم خروج الآمة والمصلين عن النص والجهر بما يخالف النظام، والبعض الآخر يرى أنها مطلوبة وضرورة حتمية تفرضها التطورات التي يشهدها عالمنا الإسلامي والعربي، ومنعا لسيطرة متطرفين على المساجد وإستخدامها لغير العبادة.
شرط السعودية لاعتماد المساجد ..
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، اشترطت تركيب كاميرات مراقبة، لاعتماد المساجد الحديثة والجوامع الكبرى في جدة، لحماية المساجد من العمليات الإرهابية ومحاسبة الدعاة والخطباء المخالفين لمنهج الاعتدال والوسطية.
وعللت الوزارة هذا الإجراء بأنها تريد حماية حماية المفهوم السمح للدين الإسلامي، ولن يتم ذلك إلا عن طريق بعض الخطط منها مراقبة المساجد داخلياً وخارجياً بكاميرات المراقبة، كما أن نظام التحكم الآلي سيتيح للمراقبين متابعة المؤذنين والأئمة في أداء مهمتهم في المسجد، ورصد المخالفات في الخطب التي سيتم تسجيلها وبثها مباشرة للوزارة متى ما دعت الحاجة إلى ذلك.
مصر تواجه الإرهاب بالكاميرات ..
وفي مصر، الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، قرر تركيب كاميرات مراقبة في مساجد الجمهورية، بقصد حمايتها من الإرهاب والتفجيرات خارجها، ومراقبة الأفكار المتطرفة والتكفيرية داخلها.
المتحدث باسم وزارة الأوقاف المصرية، الشيخ محمد عبدالرازق، رئيس، قال إن كاميرات المراقبة ستكون في خارج المساجد وعلى نواصيها؛ بهدف مراقبة العمليات الإرهابية وحوادث التفجير، وستكون هناك كاميرات مراقبة داخل المساجد وأروقتها، بقصد مراقبة عمل الأئمة والعمال، وما يبث داخل المساجد من أفكار ودروس دينية وخطبة الجمعة، والإلتزام بفكر الوزارة وخطبتها الموحدة.
أئمة غاضبون ..
قرار تركيب الكاميرات في مساجد مصر، أثار حفيظة عدد كبير من أئمة وخطباء المساجد على مستوى المحافظات، حيث أكدوا أن وضع كاميرات داخل المساجد هدفه تكميم الأفواه، والسيطرة على منابر المساجد، وتحويلها إلى أماكن لتمجيد الحكومة والنظام.
بعض الأئمة رفضوا تمامًا أسلوب التجسس عليهم داخل المساجد التي تعتبر أماكن مقدسة جعلت للصلاة فقط، كما رفضوا تهديد وزارة الأوقاف بتحويل الأئمة المخالفين إلى عمل إداري؛ فالإمام يتحدث في كل شىء ويناقش قضايا مجتمعه ولا يلتفت لللكاميرات التي تسجل مايقول سواء كان مع النظام أو ضده.
الجزائر تسير على خطى مصر ..
وعلى خطى مصر والسعودية، تسير الجزائر، حيث طلب وزير الشؤون الدينية الجزائري، محمد عيسى، الأربعاء، من مساعديه إعداد مشروع جديد يخص تأمين المساجد تحسبًا لعرضه على الحكومة في الشهر الداخل، استلهامًا لتجربة مصرية في هذا الشأن تعتمد كاميرات المراقبة في المساجد التي توجد خارج سيطرة الدولة حتى تتمكن من الإجهاز على تحركات السلفيين و المتشددين.
ورغم أن الوضع المالي المتأثر بتراجع مداخيل النفط، يعيق تنفيذ “المشروع الجديد”، حيث يتطلب إقتناء تجهيزات بملايين الدولارات علاوة على تكاليف عمليات التركيب والصيانة، إلا أن عيسى يُحاول اللعب على حبل حماية المرجعية الدينية الوطنية و منع المساجد من اختراق المتشددين والتصدي لمحاولات تسلل الإرهابيين إليها.
الأردن تواجه “داعش” بمراقبة المساجد..
وتشهد أيضًا المساجد الكبرى في الأردن، الكثير من المراقبة والانتباه من قبل المؤسسات الأمنية، خاصة بعد العمليات الانتحارية التي عصفت بمساجد في السعودية، والبحرين والكويت والعراق، حيث جاءت الإجراءات الأردنية جراء تزايد التهديدات من قبل تنظيم داعش الإرهابي، باستهداف الأردن، فتعاونت مديرية الأمن العام مع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، لتأمين المساجد ودور العبادة الكبرى بحماية أمنية وإبقائها تحت المراقبة وقت الصلاة.
وعلل وزير الأوقاف الأردني، تركيب الكاميرات لحمايتها من السرقات والسلوكيات السيئة، والمرافق المتعلقة بها من الاعتداءات التي تحصل من قبل بعض الأشخاص، لكنه لم يأت على ذكر الهواجس الأمنية.
الكويت تراقب المجرمين بالمساجد..
وزودت الكويت أيضًا مساجدها بكاميرات مراقبة لتأمين المصلين في رمضان تحسبًا لأي تهديد في ظل الظروف الإقليمية، بعد أن وافق مجلس الأمة الكويتي على قانون كاميرات المراقبة الذي يقضي بتركيب كاميرات على مستوى المنشآت والمجمعات التجارية للمساعدة على تحديد هوية المجرمين بسرعة.
وتم تثبيت أكثر من 130 كاميرا مراقبة في مساجد محافظاتها الست، لمراقبة التحركات غير الاعتيادية، وبرر وزي الأوقاف الكويتي، يعقوب الصانع، هذا الإجراء بما تمر به المنطقة من أحداث أمنية، وأن وزارته تتعاون بشكل وثيق مع وزارة الداخلية لضمان الأمن والاستقرار في البلاد.