[bctt tweet=”دخلت تركيا بقوة على خط التوتر الطائفي في المنطقة بعدما قدمت نفسها حامياً لسنة العراق من الحشد الشعبي” via=”no”]. وللتدليل على جدية التحذيرات التركية من مغبة اقدام فصائل الحشد على دخول الموصل او تلعفر، ارسلت أنقرة تعزيزات عسكرية الى الحدود مع العراق.
والغريب ان هذه الحمية التركية للدفاع عن الموصل وتلعفر، لم تكن موجودة عندما كان “داعش” يمارس قبل عامين عمليات التنكيل والقتل الجماعي بحق سكان الموصل وتلعفر وكل مكان سيطر عليه التنظيم المتشدد. ولماذا لم تدخل تركيا قبل عامين الى الموصل والى تلعفر بل انتظرت كل هذا الوقت كي يتحرك الحشد الشعبي لتتحرك القوات التركية؟ فإما أن هناك تواطؤاً ضمنياً تركياً مع “داعش”، وإمّا ان الرئيس رجب طيب اردوغان كان في انتظار تطور ميداني يسمح له بتقديم نفسه حامياً للسنة في العراق وسوريا الأمر الذي يقتضي منه العودة المباشرة للجيش التركي بعد مئة سنة الى هذين البلدين.
ولعل ما يثير الخوف لدى اردوغان وحتى لدى داعمي اردوغان الاقليميين والدوليين، هو فكرة ان يقدم الحشد الشعبي على تجاوز الحدود بين العراق وسوريا، بما يشكل خللاً واضحاً في المعادلة العسكرية – السياسية القائمة منذ أكثر من خمسة أعوام في سوريا. فمجرد طرح فكرة عبور الحشد الى سوريا ترتعد فرائص اردوغان ولاعبين اقليميين آخرين وكذلك في واشنطن وباريس ولندن. لكن مثل هذا الخوف لم يكن ملاحظاً عندما أقدم “داعش” على كسر حدود سايكس – بيكو قبل عامين، فلماذا كل هذا الخوف الآن من احتمال اقدام الحشد الشعبي على كسر هذه الحدود؟
لكن تركيا هي التي ستتولى هذه المرة حراسة سايكس – بيكو أو انها هي التي ستعيد الخرائط الى أيام الاحتلال العثماني لبلاد الشام.
لذلك يحتاج اردوغان الى التدثر بالغطاء الطائفي كي يعبر الحدود سواء الى العراق أو الى سوريا وهو عبرها أصلاً لكنه يحتاج الى “شرعية” تبرر الاحتلال التركي المبارك خليجياً وأميركياً.
تركيا ودول الخليج والغرب لا تريد عودة الموصل الى العراق ولا تريد عودة حلب والرقة ودير الزور الى سوريا. ولا يتحقق ذلك الا بتزخيم التوتر الطائفي في المنطقة وتحديداً في سوريا والعراق اللتين كان يفترض ان تشكل احداهما عمقاً استراتيجياً للدولة الأخرى. ومن المؤسف جدا ان “داعش” أدرك أهمية كسر الحدود بينهما في حين لم تدرك ذلك لا دمشق ولا بغداد، فدفعت كل بلاد الشام الثمن.
ومن الطبيعي ان يجد اردوغان فرصته للانتقام الآن من التاريخ والجغرافيا ولو اقتضى الامر خوض أكثر من حرب.