كل استطلاعات الرأي العام، في الأشهر الثلاثة الأخيرة، قدّمت هيلاري كلينتون على دونالد ترامب في المنافسة على الرئاسة الأميركية، وكانت الأرقام تعطيها بين سبعة الى 15 في المئة زيادة على المرشح الجمهوري، وقبل خمسة أيام فقط من التصويت، أصبحت الأرقام متقاربة ثم عادت أرقام لاحقة لتُظهر تقدُّم كلينتون. المسؤول عن ذبذبة الأرقام رئيس مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) جيمس كومي الذي قدم الى الكونغرس تفاصيل جديدة عن «إيميلات» كلينتون. بعد يومين يحسم الناخب الأميركي الجدل.
على سبيل التذكير، كومي نفسه قرر بعد تحقيق طويل أجرته وكالته واستجوبت فيه كلينتون، أن المرشحة الديموقراطية للرئاسة لم ترتكب جريمة وإنما أخطأت، وهو قال في تموز (يوليو) الماضي، أن «الشفافية أفضل شيء لي وللديموقراطية».
هناك مَنْ قال أن كومي رجل طيب غير أنه أخطأ، وهذا ما قالته وكالة كومي عن كلينتون في مطلع الصيف. وهناك مَنْ اتهم كومي بأنه يحاول مساعدة ترامب على الفوز بالرئاسة. بل إن وزارة العدل هاجمت أف بي آي وموقفه من انتخابات الرئاسة.
أقول إن كومي واحد من اثنين: حسن النيّة وأحمق، أو عميل للجمهوريين ما يعني أنه يخالف قوانين أميركية يعرفها الجميع تنصّ على حياد الوكالات الحكومية بين المرشحين للمناصب الرسمية من رئاسة أو عضوية مجلس الشيوخ أو مجلس النواب.
ترامب، وهو لا يمثل الحزب الجمهوري بقدر ما يمثل نفسه، قال أن «الإيميلات» قضية «أكبر من ووترغيت». هي حتماً ليست كذلك. ثم إنه يصف هيلاري كلينتون بأنها «نصّابة»، مع العلم أنها لم تُتَّهَم في حياتها العملية والخاصة كلها بأي جريمة، ولم تُحاكـَم. هو نصاب كذاب وجريمته مستمرة. المواطن الأميركي المتوسط الدخل يدفع 20 الى 30 في المئة من مرتبه للدولة على شكل ضريبة، وترامب البليونير لم يدفع ضريبة بزعم أنه خسر أكثر من 900 مليون دولار في عمل شركاته. بعض النصابين مثله أيّده في التهرّب من الضرائب، إلا أن غالبية من الأميركيين ثارت على نظام ينتصر للثري على حساب الفقير.
ثلث الأميركيين من أنصاف المتعلمين، خصوصاً من «حزام التوراة» في الولايات الجنوبية ومن «حزام الصدأ» في ولايات وسط البلاد، يؤيدون ترامب. إلا أن حلفاء الولايات المتحدة في الخارج، وأكثرهم أعضاء في حلف الناتو، يتابعون الحملة الانتخابية بقلق بالغ كما قال وزير خارجية السويد الأسبق كارل بيلدت في مقال.
مَنْ يؤيد ترامب حول العالم؟ هناك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فالرجلان يتبادلان تصريحات عن إعجاب كل منـــهما بالآخر. ثم هناك ميلوس زامان، رئيس تشــيخيا، ومنصبه احتفالي في أكثره، فهو معـــجب ببوتين وإعجابه به يتسع ليضم ترامب. ثم هناك رئيس وزراء هنغاريا فكتور أوربان، وهو يميني متطرف ألقى خطاباً يمتدح ترامب ويدعو الى وقف هجرة المسلمين الى أوروبا، بل يعارض «تصدير الديموقراطية».
بين الأنصار أيضاً رئيس وزراء سلوفينيا روبرت فيكو، وهو أحمق يميني آخر قال يوماً أن «لا مكان للإسلام في سلوفينيا». وأيضاً ياروسلاف كازنسكي، زعيم بولندا، وقد اتهم الاتحاد الأوروبي حزبه بتفكيك القوانين الديموقراطية في البلاد.
جاكسون دييل، وهو صهيوني الميول نائب رئيس صفحة الرأي في «واشنطن بوست»، اتهم الرئيس عبدالفتاح السيسي بتأييد ترامب. أعرف الرئيس السيسي كما لا يعرفه كاتب يؤيد إسرائيل، وأقول أنه اجتمع على هامش دورة الجمعية العامة في نيويورك مع ترامب وبعض رجاله، إلا أنه لا يؤيده أو يعارضه، ويدرك جيداً أن مصر يجب أن تبقى على الحياد وخارج مطبات السياسة الأميركية كلها.
أزيد على القائمة السابقة رودي جولياني، رئيس بلدية نيويورك السابق، وكريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي. كلاهما في كتابي الشخصي انتهازي حقير، ولا يمكن أن أصافح أياً منهما فهما من نوع ترامب، وربما أسوأ منه إذا كان هذا ممكناً.