تتراجع الاخلاق وتتدنى، ونقرأ يومياً، عن غذاء فاسد، في الاسواق، يتم الوصول اليه، وهذا فقط، المعلن والمشهر، وهناك الغذاء الفاسد الذي يتم بيعه ولا يتنبه اليه احد.
قبل القوانين، اين هي الاخلاق التي تسمح لاصحاب المطاعم والمحلات التجارية، بيع اغذية فاسدة، او تخزينها، خصوصا، حين تتمدد هذه الظاهرة، وتشمل كل شيء، فقد بتنا امام مدن بلا اخلاق، حقا، والذي يبيع المواد الغذائية الفاسدة، او يخزنها، حتى يقوم ببيعها لاحقا، لا يقبل بذلك لعائلته، لكنه يقبل بذلك للناس، وهو يعرف مسبقا، ان هذه المواد سامة، فإن لم تظهر اثارها مباشرة، تراكمت في جسم المستهلك؟!.
كل يومين، نسمع عن مشغل غير مرخص للمواد الغذائية، او محل سري، يخزن اللحوم او بواقي الدجاج، او محلات تعرض سلعا فاسدة، ولا يمكن الا ان نقول ان كل هؤلاء باتوا يعبدون الدينار، بدلا من رب العالمين، والا كيف يمكن لهم، ان يفعلوا كل هذا، ويحتفظوا بمواد غذائية فاسدة، يقتلون بها الناس، دون ادنى وجل؟!.
لكنك في غمرة هذا الحديث، تعرف ان هناك ما هو اخطر ايضا، فهذه هي السلع التي يتم الاعلان عنها، ومقابلها مواد غذائية كثيرة تتسرب الى طعام الناس، وهي منتهية الصلاحية، خصوصا،حين تكون الكوادر المختصة قليلة العدد، وغير قادرة على رصد هذا الفساد المستجد على البلد.
مع هؤلاء، يتسرب الى البلد، سلع غذائية رخيصة، تباع على البسطات في كل مكان، وهي سلع ممنوعة الدخول الى دول اخرى، لكنها تجد الطريق الينا، واغلبها من المعلبات واللحوم المجمدة منذ الف عام، يستهلكها الفقراء، بكل ما فيها، من سموم مخفية.
[bctt tweet=”في عز الكلام عن القضايا الكبرى، نتجاهل القضايا الاكثر حساسية، فمثل ملف الغذاء الفاسد” via=”no”]، يتعامى عنه كثيرون، برغم انه مسبب للامراض، ويحكي لنا، عن تدهور اخلاقي بات يجتاحنا مثل وباء، اذ قبل القوانين، هناك ضمير الانسان، الذي يفترض ان لا يسمح له ان يبيع مواد غذائية فاسدة، او منتهية الصلاحية، لكن الضمير ذاته، تم تجميده، فالمهم ان لا يخسر صاحب المال، ماله، حتى لو مات الناس.لو عدنا الى الرصد الاخباري اليومي، لاكتشفنا ببساطة، تزايد حالات الاعلان عن وجود اغذية فاسدة، من اللحوم الى الدواجن، مرورا بالمشاغل والمطاعم، فالظاهرة تتعاظم، وهذا الملف بحذ ذاته بحاجة الى وقفة من نوع آخر، خصوصا، في المخازن السرية، وفي الاسواق الشعبية، وما يجري من تصنيع في البيوت، بعيدا عن الاعين.
حين تتمدد هذه الظاهرة، فلا يمكن الا ان نسميها فسادا عظيما، اكبر من فساد المؤسسات، فهذا النوع من الفساد، يقتل بشكل جماعي، ان لم يكن مباشرة، فبشكل تدريجي، وكل الخبراء يقولون ان هذه الاغذية الفاسدة التي تتسرب الى بيوت الناس، تسبب على المدى المتوسط كوارث صحية، سيدفع كل المجتمع ثمنها، والغريب ان اكثرنا ينتقد الفاسد، لكننا نمارسه ايضا، من الرشوة، الى بيع الغذاء الفاسد، وصولا الى الواسطة، وقد بتنا جميعا، متساوين، في شبهة الفساد بشكل او بآخر.
لقد آن الاوان، ان يتم وقف هذه التراجعات، فهناك تفلتات في قطاعات مختلفة، في ظل السعي لتغييب اجهزة الدولة الرقابية، بحيث يقوم كل شخص بما يريد، وهذا يعني على المدى البعيد، تحول البلد، الى غابة لا تحمي فيها المؤسسة، الافراد، من تغول بعضهم البعض.
شبعنا تنظيرا عن الديموقراطية والبرلمان والاحزاب، ومصائب الاقليم، وبيننا ملفات خطيرة، نتعامى عنها، باعتبار ان وقتنا لا يسمح لاثارتها، فيما هي تهدم بنية الداخل، بهذا التسلل الناعم الى كل المفاصل.